مميز
EN عربي
الكاتب: الدكتور محمود رمضان البوطي
التاريخ: 29/06/2021

من ملامح المسلم في المجتمع

مقالات

نفّاع للخلق أينما حل وكيفما ارتحل، لأن )أحب الخلقِ إلى اللَّهِ أنفعُهم لعيالِهِ ([1].


عوناً لغيره - لا عائقاً ولا مرهقاً، لأن )الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ([2].


قد ذابت مغريات الدنيا أمام ناظريه، وذابت معها بذور الطمع، كما ذابت معها الأنانية والجشع، حتى تلاشت حظوظ النفس من قلبه وحل محلَّها: )لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ([3].


لا يتنكر لأجير في أجرته، ولا يأخذ مالاً من غير حله امتثالاً لقوله تعالى: )ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل(.


لا يقتنص حقاً، لأن )ما نبت من سحت فالنار أولى به ([4].


لا يماطل في سداد ما عليه، لأن )مطل الغني ظلم ([5] فكيف بالفقير والمستضعف؟


لا يبخس الناس جهودهم ولا أعمالهم، لأن الله عز وجل قال: )ولا تبخسوا الناس أشيائهم(.


لا يتقاضى رشوة لأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم )لعن الراشي والمرتشي وقال: الراشي والمرتشي في النار ([6].


لا يكذب .. لأن الله عز وجل قال: )إنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ(.


لا يسيء الظن ولا يتجسس ولا يغتاب امتثالاً لأمر الله عز وجل القائل: )اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً(


لا يؤذي جاره لأنه سيدنا رسول الله أقسم قائلاً: )والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه([7].


لا ينشر رذيلة، حتى لا يحمل )وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)[8].


ولا يسعى بنميمة لأن شرار الخلق هم: )المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون للبرآء العيب)[9].


لا يخلف وعداً ولا يخفر ذمة ولا يخون أمانة، لأن هذه من شيم المنافق: )إذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)[10].


لا يغش في سلعته. لأن: )من غشنا فليس منا)[11].


لا ينقص الكيل والميزان طمعاً بمزيد من الربح خشية من وعيد الله تعالى القائل: )ويل للمطففين).


)يعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ..)[12]


)يقيل عثرة النادم ليقيل الله عثرته ..)[13]


)المؤمن يأْلَف ويُؤْلَف، ولا خير فيمن لا يأْلَف ولا يُؤْلَف)[14]


تجده: )سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى سمحاً إذا اقتضى)[15].


وكثيرة هي ملامح المسلم السلوكية والأخلاقية في المجتمع لو أردنا استقرائها. لكنها - على الجملة - قد باتت اليوم في مهب الريح. وبات أرباب هذه النعوت والصفات - ويا للأسف - كالتبر الأحمر بين ذرات التراب الأغبر.


وما الفساد العريض الذي ترزح مجتمعاتنا الإسلامية تحت نيره، إلا لأننا قد بتنا غرباء عن جوهر الإسلام ومقاصده. ولن تنحسر أسباب التجبر والطغيان، وتتلاشى مظاهر التفرق والخصام، وتتضاءل مساحة التظالم من المجتمع فتضمحل ظاهرة اكتظاظ المتخاصمين الذين تعج بهم ردهات المحاكم وأبهية القضاء إلا عندما نعود إلى جوهر الإسلام.


لأن الإسلام ليس مجرد تجملات لسانية، ولا دعاوى عريضة، ولا مفاهيم مجردة، ولا مسميات تخيل لك التقوى والاستقامة.


فمتى نعود إلى الإسلام ونكون مسلمين في تعاملنا، ونخلع ربقة هذا الانحطاط الذي آل إليه أمرنا، ويجعل الله لنا من هذا الحال فرجاً ومخرجاً، ويجعل بعد عسر يسراً.


[1] الطبراني والبيهقي


[2] صحيح مسلم


[3] متفق عليه


[4] مسند الإمام أحمد


[5] النسائي وابن ماجه


[6] الأربعة والطبراني


[7] متفق عليه


[8] صحيح مسلم


[9] الطبراني في الأوسط


[10] متفق عليه


[11] صحيح مسلم


[12] ورد في سنن ابن ماجه بلفظ: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"


[13] ورد في سنن أبي داو بلفظ: "مَن أقال أخاه بَيْعًا أقاله اللهُ عثرتَه يومَ القيامةِ".


[14] أحمد والطبراني


 [15] ورد في البخاري بلفظ: "رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى"

تحميل