مميز
EN عربي
الكاتب: الباحثة نبيلة القوصي
التاريخ: 15/02/2018

المدرسة البادرائية

معالم الشام

"المدرسة البادرائية"

شمال شرق الجامع الأموي

في العهد الأيوبي 655هجري/1257ميلادي

إخوتي سائحي دمشق، وقراء زاوية " معالم وأعيان":

هيا معاً ننطلق باتجاه الشمال الشرقي للجامع الأموي في دمشق القديمة .. ومن أمام بناء حجري ضخم قديم، نقف ونتساءل عن عبرة وعظة تستنطق من بين أسطر تاريخ هذا المكان .. وما الفائدة من التاريخ إلا بحكمة يخرج بها القارئ المتأمل المتفكر، الذي يتقن أسرار قوله تعالى: ((قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان...)) و((أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف ... كانوا أشد منهم قوة وعمروها ... ))، ولا يكون ذلك إلا ببناء الإنسان بمنظومة فكرية عقلية يحبها المولى ويرتضيها له، فيكون إنسان الخير للخلق، عيالِ الله في الأرض.

ذلك البناء هو المدرسة البادرائية ...

موقعها:

تقع بمحلة العمارة الجوانية، إلى الشمال الشرقي من الجامع الأموي، داخل باب الفراديس والسلامة، شمالي جيرون، وشرقي الناصرية الجوانية، كانت داراً تعرف بدار أسامة في حارة أسامة، واليوم تسمى بحارة البادرائية.

قال ابن شداد: أنشأها الشيخ الإمام العلامة نجم الدين أبو محمد عبدالله، أبي الوفاء، محمد بن الحسن بن عبدالله بن عثمان البادرائي البغدادي، 653هجري، وبادرايا: هي بلدة من نواحي مدينة واسط بالعراق.

كان البادرائي فقيهاً شافعياً بارعاً، وُلي التدريس في المدرسة النظامية ببغداد .. قدم دمشق وبنى المدرسة وأوقف عليها وقوفاً كثيرة، وشهد افتتاحها حفيد السلطان صلاح الدين الأيوبي، وبقيت هذه المدرسة موئلاً للعلم منذ انشائها، ثم تحولت إلى جامع يسمى البادرائية.

و قال الذهبي: كان البادرائي من فقهاء وعلماء الشام.

و قال ابن طولون: كانت داراً للأمير أسامة الجبلي، صادرها منه الملك العادل لغضبه عليه بعد أن سجنه في الكرك إلى أن مات، ثم صارت لولده (المعظم) ثم لولده (الناصر داوود)، ثم اشتراها منه نجم الدين البادرائي، الذي حولها فيما بعد إلى مدرسة، تولى فيها التدريس ومن بعده أبنائه .... ومع العصور تعطلت، وأصبحت مصلى ومسجداً صغيراً يُصلى فيه ..

و في وصفها التصويري نجد أن بناءها الأيوبي لم يبقى منه إلا بابان ضخمان وإيوان شمالي، ولم تزل جدرانها الخارجية القديمة التي تتخللها أعمدة ضخمة قائمة إلى الآن.

نصلي ركعتين تحية المسجد، ثم نتجول ولساننا يدعو الله عز وجل:

(( ربنا أتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا))، وقلوبنا لله عز وجل ممتنه له.

المصادر والمراجع:

ـ الدارس في تاريخ المدارس/ للنعيمي

ـ العمارة الإسلامية/ للريحاوي