مميز
EN عربي
الكاتب: منقول
التاريخ: 07/03/2014

الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه

أعيان الشام

سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه

سيدنا خالد بن الوليد ووالديه

هو أبو سليمان سيدنا خالد بن الوليد بن المغيرة، ينتهي نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي الجد السابع للنبي وأبي بكر الصديق . وأمه هي لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، كان مظفرًا خطيبًا فصيحًا، يشبه عمر بن الخطاب.

خلق وصفة سيدنا خالد بن الوليد

أما أبوه فهو عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي، وكان ذا جاه عريض وشرف رفيع في قريش، وكان معروفًا بالحكمة والعقل. وكان "الوليد" خصمًا عنيدًا للإسلام والمسلمين، وكان شديد النكاية بالرسول، حتى إذا مضى عن الدنيا خلف وراءه الحقد في نفوس أبنائه.

وفي هذا الجو المترف المحفوف بالنعيم نشأ سيدنا خالد بن الوليد، وتعلم الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه. كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ.

سيدنا خالد بن الوليد قبل الإسلام

كان سيدنا خالد بن الوليد كغيره من أبناء قريش معاديًا للإسلام، ناقمًا على النبي العدنان والمسلمين الذين آمنوا به وناصروه، بل كان شديد العداوة لهم، شديد التحامل عليهم، ومن ثَمَّ فقد كان حريصًا على محاربة الإسلام والمسلمين، وكان في طليعة المحاربين لهم في كل المعارك التي خاضها الكفار والمشركون ضد المسلمين، وكان له دور بارز في إحراز النصر للمشركين على المسلمين في غزوة أُحد.

إسلام سيدنا خالد بن الوليد

في عمرة القضاء قال النبي للوليد بن الوليد أخيه: "لو جاء سيدنا خالد بن الوليد لقدّمناه". فكتب "الوليد" إلى "خالد" يرغِّبه في الإسلام، ويخبره بما قاله رسول الله فيه، فكان ذلك سبب إسلامه وهجرته. وقد سُرَّ النبي بإسلام سيدنا خالد بن الوليد، وقال له حينما أقبل عليه: "الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت ألاَّ يسلمك إلا إلى خير".

وقد أسلم سيدنا خالد بن الوليد في (صفر 8هـ/ يونيو 629م)، أي قبل فتح مكة بستة أشهر فقط، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين.

سيدنا خالد بن الوليد سيف الله في مؤتة

كانت أولى حلقات الصراع بين سيدنا خالد والمشركين -بعد التحول العظيم الذي طرأ على حياة سيدنا خالد بن الوليد وفكره وعقيدته- في (جمادى الأولى 8هـ/ سبتمبر 629م) حينما أرسل النبي سرية الأمراء إلى "مؤتة" للقصاص من قتلة "الحارث بن عمير رسولِهِ إلى صاحب بُصْرَى.

وجعل النبي على هذا الجيش زيد بن حارثة، ومن بعده جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الله بن رواحة رضي الله عنهم جميعًا، فلما التقى المسلمون بجموع الروم، استشهد القادة الثلاثة الذين عيَّنهم النبي ، وأصبح المسلمون بلا قائد، وكاد عقدهم ينفرط وهم في أوج المعركة، وأصبح موقفهم حرجًا، فاختاروا سيدنا خالد بن الوليد قائدًا عليهم.

سيدنا خالد بن الوليد واستطاع سيدنا خالد بن الوليد بحنكته ومهارته أن يعيد الثقة إلى نفوس المسلمين بعد أن أعاد تنظيم صفوفهم، وقد أبلى سيدنا خالد بن الوليد في تلك المعركة بلاءً حسنًا؛ فقد اندفع إلى صفوف العدو يُعمِل فيهم سيفه قتلاً وجرحًا حتى تكسرت في يده تسعة أسياف، حتى إذا ما أظلم الليل غيَّر سيدنا خالد بن الوليد نظام جيشه، فجعل مقدمته مؤخرته، ووضع من بالمؤخرة في المقدمة، وكذلك فعل بالميمنة والميسرة، وأمرهم أن يحدثوا جلبةً وضجيجًا، ويثيروا الغبار حتى يتوهم جيش الروم أن المدد قد جاءهم بليلٍ، ولهذا لما طلع النهار لم يجرؤ الروم على مطاردة المسلمين؛ مما سهّل على سيدنا خالد بن الوليد مهمة الانسحاب بأمان، وقد اعتبر رسول الله ذلك فتحًا من الله على يد سيدنا خالد بن الوليد.

فقد أخبر النبي أصحابه باستشهاد الأمراء الثلاثة، وأخبرهم أن سيدنا خالد بن الوليد أخذ اللواء من بعدهم، وقال عنه: "اللهم إنه سيف من سيوفك، فأنت تنصره". فسمِّي سيدنا خالد بن الوليد "سيف الله" منذ ذلك اليوم.

قتال سيدنا خالد بن الوليد للمرتدين ومانعي الزكاة

شارك سيدنا خالد بن الوليد في قتال المرتدين في عهد أبي بكر الصديق ، فقد ظن بعض المنافقين وضعاف الإيمان أن الفرصة قد أصبحت سانحة لهم -بعد وفاة النبي- للانقضاض على هذا الدين؛ فمنهم من ادَّعى النبوة، ومنهم من تمرد على الإسلام ومنع الزكاة، ومنهم من ارتدَّ عن الإسلام، وقد وقع اضطراب كبير، واشتعلت الفتنة التي أحمى أوارها وزكّى نيرانها كثير من أعداء الإسلام.

حالد بن الوليد والقضاء على فتنة مسيلمة الكذاب

كان أبو بكر قد أرسل عكرمة بن أبي جهل لقتال مسيلمة، ولكنه هزم، فأرسل له أبو بكر شرحبيل بن حسنة ، وزادت المصيبة ثقلاً على المسلمين عندما هزموا مرةً ثانية؛ مما رفع من الروح المعنوية لأتباع "مُسَيْلمة الكذَّاب"، وتعاظمت ثقتهم بالنصر، فلم يَرَ أبو بكرٍ بُدًّا من إرسال سيف الله المسلول سيدنا خالد بن الوليد إليهم.

وانتهت المعركة بهزيمة "بني حنيفة" ومقتل "مسيلمة"، وقد استشهد في تلك الحرب عدد كبير من المسلمين بلغ أكثر من ثلاثمائة وستين من المهاجرين والأنصار، وبثَّ سيدنا خالد بعد المعركة مباشرةً خيوله تطارد فلول المشركين، وتلتقط من ليس في الحصون.

الطريق إلى الشام

رأى أبو بكر الصديق أن يتجه بفتوحاته إلى الشام، إذ كان سيدنا خالد بن الوليد قائده الذي يرمي به الأعداء في أي موضع، حتى قال عنه: "والله لأنسيَنَّ الروم وساوس الشيطان بسيدنا خالد بن الوليد".

وقد تمكَّن سيدنا خالد بن الوليد أن يلحق بالروم هزائم عديدة، حتى استطاع أن يقضي على شوكتهم تمامًا، وصارت بلاد الشام بلدًا إسلاميًّا.

سيدنا خالد بن الوليد بين القيادة والجندية

لم ينتهِ دور سيدنا خالد بن الوليد في الفتوحات الإسلامية بعزل عمر له وتولية أبي عبيدة بن الجراح أميرًا للجيش، وإنما ظل سيدنا خالد بن الوليد يقاتل في صفوف المسلمين، فارسًا من فرسان الحرب، وبطلاً من أبطال المعارك الأفذاذ المعدودين.

وكان لسيدنا خالد بن الوليد دورًا بارزًا في فتح دمشق وحمص وقِنَّسْرِين، ولم يفتّ في عضده أن يكون واحدًا من جنود المسلمين، ولم يوهن في عزمه أن يصير جنديًّا بعد أن كان قائدًا وأميرًا؛ فقد كانت غايته الكبرى الجهاد في سبيل الله، ينشده من أي موقع وفي أي مكان.

وفاة سيدنا خالد بن الوليد

لما حضرت سيدنا خالد بن الوليد الوفاة قال: "لقد طلبت القتل فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي، وما من عمل أرجى من لا إله إلا الله وأنا متتَرِّس بها". ثم قال: "إذا أنا مت فانظروا سلاحي وفرسي، فاجعلوه عُدَّة في سبيل الله". وقد تُوفِّي سيدنا خالد بحمص في (18 من رمضان 21هـ/ 20 من أغسطس 642م(

من موقع قصة الإسلام )بتصرف)