مميز
EN عربي
الكاتب: بديع الزمان - عبد الله الحمصي
التاريخ: 19/12/2012

مشاركات مختارة 3

مشاركات الزوار

هل يسير متبعوا حسن البنا على نهجه


مشاركة بديع الزمان

يقول حسن البنا رحمه الله: الإسلام يعتبر المسلمين أمة واحدة تجمعها العقيدة ويشارك بعضها بعضاً في الآلام والآمال. وأن أي عدوان يقع على واحدة منها أو على فرد من المسلمين فهو واقع عليهم جميعاً.

الوطن الإسلامي واحد لا يتجزأ، وأن العدوان على جزء من أجزائه عدوان عليه كله. هذه واحدة، والثانية أن الإسلام فرض على المسلمين أن يكونوا أئمة في ديارهم، سادة في أوطانهم ... ومن هنا يعتقد الإخوان المسلمون أن كل دولة اعتدت وتعتدي على أوطان الإسلام دولة ظالمة لا بد أن تكف عدوانها، ولا بد أن يعد المسلمون أنفسهم ويعملوا متساندين على التخلص من نيرها.

إن إنجلترا لا تزال تضايق مصر رغم محالفتها إياها، ولا فائدة في أن نقول إن المعاهدة نافعة أو ضارة أو ينبغي تعديلها أو يجب إنفاذها، فهذا كلام لا طائل تحته. والمعاهدة غل في عنق مصر وقيد في يدها ما في ذلك شك وهل تستطيع أن تتخلص من هذا القيد إلا بالعمل وحسن الاستعداد؟ فلسان القوة هو أبلغ لسان، فلتعمل على ذلك ولتكتسب الوقت إذا أرادت الحرية والاستقلال.

وإن إنجلترا لا تزال تسيء إلى فلسطين وتحاول أن تنقص من حقوق أهلها، وفلسطين وطن لكل مسلم باعتبارها من أرض الإسلام وباعتبارها مهد الأنبياء، وباعتبارها مقر المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله. ففلسطين دين على إنجلترا للمسلمين لا تهدأ ثائرتهم حتى توفيهم فيه حقهم، وانجلترا تعلم ذلك العلم، ذلك ما حداها إلى دعوة ممثلي البلاد الإسلامية إلى مؤتمر لندن. وإنا ننتهز هذه الفرصة فنذكرها بأن حقوق العرب لا يمكن أن تنقص، وبأن هذه الأعمال القاسية التي يدأب ممثلوها على ارتكابها في فلسطين ليست مما يساعد على حسن ظن المسلمين بها، وخير لها أن تكف هذه الحملات العدوانية عن الأبرياء الأحرار. وإنا لنبعث لسماحة المفتي الأكبر من فوق هذا المنبر أخلص تحيات الإخوان المسلمين وأطيب تمنياتهم .. ولنا حساب بعد ذلك مع انجلترا في الأقاليم الإسلامية التي تحتلها بغير حق، والتي يفرض الإسلام على أهلها وعلينا معهم أن نعمل لإنقاذها وخلاصها.

أما فرنسا التي ادعت صداقة الإسلام حيناً من الدهر فلها مع المسلمين حساب طويل، ولا ننسى لها هذا الموقف المخجل مع سورية الشقيقة، ولا ننسى لها موقفها في قضية المغرب الأقصى والظهير البربري، ولا ننسى أن كثيراً من إخواننا الأعزاء، شباب المغرب الأقصى الوطني الحر المجاهد، في أعماق السجون وأطراف المنافي، وسيأتي اليوم الذي يصفى فيه هذا الحساب وتلك الأيام نداولها بين الناس.

وليس حسابنا مع إيطاليا بأقل من حسابنا مع فرنسا. فطرابلس العربية المسلمة الجارة القريبة العزيزة، يعمل الدوتشي ورجاله على إفنائها وإبادة أهلها واستئصالها ومحو كل أثر للعروبة والإسلام منها، وقد اعتبرت جزءاً من إيطاليا؟ ولا يجد الدوتشي بعد ذلك مانعاً يمنعه من أن يدعي أنه حامي الإسلام وأن يطلب بهذا العنوان صداقة المسلمين!!!.

الرحمة في الجهاد الإسلامي:

لما كانت الغاية في الجهاد الإسلامي أنبل الغايات، كانت وسيلته كذلك أفضل الوسائل فقد حرم الله العدوان، فقال تعالى: (وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) وأمر العدل حتى مع الأعداء والخصوم فقال تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وأرشد المسلمين إلى منتهى الرحمة .

فهم حينما يقاتلون لا يعتدون ولا يفجرون ولا يمثلون ولا يسرقون ولا ينهبون الأموال، ولا ينتهكون الحرمات ولا يتقدمون بالأذى، فهم في حربهم خير محاربين كما أنهم في سلمهم خير مسالمين.

عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر الأمير على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله تعالى ومن معه من المسلمين خيراً ثم قال: (أغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، أغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً) رواه مسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه) أخرجه الشيخان.

وعن ابن مسعود رضيا لله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أعف الناس قتلة أهل الإيمان) أخرجه أبو داوود.

وعن عبد الله بن يزيد الأنصاري رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهب والمثلة) أخرجه البخاري.

كما ورد النهي عن قتل النساء والصبيان والشيوخ والإجهاز على الجرحى وإهاجة الرهبان والمنعزلين ومن لا يقاتل من الآمنين، فأين هذه الرحمة من غارات المتمدينين الخانقة وفظائعهم الشنيعة؟ وأين قانونهم الدولي من هذا العدل الرباني الشامل؟

اللهم فقه المسلمين في دينهم وأنقذ العالم من هذه الظلمات بأنوار الإسلام.

مجموعة رسائل حسن البنا / 2/80 وما بعدها
--------------------------------------
التحقق من الأخبار قبل الاعتماد عليها
مشاركة عبد الله الحمصي

يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات: 6].

الحُكم الذي تقرره هذه الآية ويخاطب الله تعالى به عباده، هو أن يتريثوا فيما يبلغهم من الأنباء المتعلقة بهم، بعضهم مع بعض حتى يتأكدوا من صدقها ووقوعها.

فليس كل ما قد بلغك عن صاحب أو صديق أمراً جازماً لا يعتريه احتمال أو شك، وليس كل من بلّغك نبأ عن إنسان تعرفه، صادقاً أو متثبتاً من هذا النبأ.

ولهذا الحكم الإسلامي العظيم حكمة باهرة، إليها مرد قيام المجتمع الإنساني السليم.

إن دعائم المجتمع الصالح لا يقوم إلا على أساس من التساند والتعاون. وإنما يتم التعاون بالصدق.. فما لم يتوفر الصدق بين عمال "ورشة" يتعاونون في إقامة بناء، لا يمكن لبنائهم أن يقوم، وربما ظهر قائماً لبضعة أيام، ولكنه لا يلبث أن يتهاوى بعد ذلك.

وليس من فرق بين تعاون الأمة لإقامة صرح مجتمعها السليم، وتعاون العمال لإقامة بنائهم الصالح المتين.

وأول خطوة إلى التعاون الاجتماعي إنما هي المشورة الصادقة والرأي المخلص. ومن هنا ندب الله تعالى إلى الصدق وألزم الناس به وحذّرهم من الكذب ومغبّته. ولكن أرأيت لو أن في الناس من استهواه الكذب على الآخرين من أجل هوى في النفس أو مصلحة من مصالح الدنيا، ولم يكن لتحذير الله تعالى ونهيه من سبيل إلى إصلاح حاله، فما هي الوسيلة إلى منع أن يؤتي الكذب ثماره وإلى قطع الطريق على من جاء يتوسط به لنيل غرض أو إشفاء غليل..؟

الوسيلة هي تنبيه الآخرين إلى أن لا يحملوا أي خبر يتلقونه على محمل الصدق، وأن عليهم أن يستعملوا كل ما آتاهم الله تعالى من وسائل النظر والبحث للتحقق من أمره وللتأكد من صدقه، حتى لا يقعوا في الندم من جراء استنادهم إلى أمر وهمي لا حقيقة له.

وبذلك، فإن الشريعة الإسلامية قد أخذت الحيطة - حفظاً لسلامة المجتمع - من جانبين: جانب المتكلم إذ أمرته بالصدق وحذّرته من الكذب ونبّهته إلى عظم إثمه وجريرته، وجانب السامع إذ أمرته بالتثبت والتأكد مما يسمع وحذّرته من أن يسارع إلى تصديق كل ما قد يبلغه فيقع في ندامة من أمره.

ومبعث الأهمية في هذا الأمر، هو ما ينبغي أن يكون عليه المجتمع من التضامن والتآلف وما ينبغي أن يشيع فيه من الوداد. وأكثر ما يفصل عرى الألفة بين إخوة متآلفين، أو أصدقاء متحابين أو أسرة متفاهمة، سعاية كاذبة يغامر بها ذو غرض أو هوى أو حقد دفين. فلا هو يلتفت إلى تقوى الله تعالى والمخافة منه إذ حذّره من الكذب والافتراء، ولا هم ينصاعون إلى أمره عز وجل في التريّث والتحقق من الأمر الذي بلغهم، فتقع الفتنة انطلاقاً من وهم غير حقيقي، ثم تكر أحداثها وتتعقد مظاهرها وتغدو بعد ذلك حقيقة لا علاج لها. وتنتكس من جراء ذلك وحدة المجتمع وتنهار قواه بدلاً مما كان قد أريد له من التماسك والقوة والتضامن.

ولو أن أحد الطرفين فاء إلى أمر الله تعالى، فحفظ المتكلم لسانه من الكذب أو أمسك الآخر سمعه عن المبادرة إلى التصديق، لما قامت الفتنة ولما حدث افتراق أو شقاق.

وما وقعت الندامة على أمر لا رجوع فيه ولا علاج له، كتلك التي تقع من جراء تصديق خبر كاذب تقام عليه تصرفات سريعة خاطئة. وجلّت حكمة الخالق العظيم إذ ينبهنا إلى ذلك قائلاً (.. أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).

الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

من كتيّب: "من أسرار المنهج الرباني"

تحميل