مميز
EN عربي
الكاتب: الباحثة نبيلة القوصي
التاريخ: 15/07/2013

المدرسة المجاهدية

معالم الشام

المدرسة المجاهدية


قبل القرن الرابع الهجري /العاشر ميلادي/ لم يعرف العالم الإسلامي – المدرسة -، وأول مدرسة بنيت في بلاد الإسلام المدرسة "البيهقية" في نيسابور، ثم المدرسة "النظامية" في بغداد، بعد ذلك أخذت المدارس تنتشر في العراق وخراسان وبلاد الشام ومصر.


ولقد شهد عصر نور الدين زنكي، صلاح الدين الأيوبي، رحمهما الله. عصر ازدهار ونشاط فكري علمي، على الرغم من التهديد الفرنجي المستمر، واهتمامهم في بناء المدارس كوسيلة تربوية ناجحة في بناء أجيال المستقبل القوي، ينبذ الخرافات والشعوذة والجهل، ليرتقي بنو الإنسان ولخلافة حقيقية لله عز وجل على الأرض.


وقد تأثر خلفاء - نور الدين وصلاح الدين - من الأقارب والأمراء والأغنياء، في فهم هذه المنظومة التربوية الفريدة، لذلك نرى في عصرهما ازدياد بناء المدارس لتصبح هذه الميزة العلمية اللامعة، نجم يلمع في الفضاء العلمي وينادي مستقطب علماء الأرض.


ومن هذه المدارس التي سنلقي الضوء على موقعها - بانيها ... وماذا بقي منها؟.


المدرسة المجاهدية


يعود تاريخ المدرسة المجاهدية إلى عصر نور الدين زنكي، وهناك المدرسة المجاهدية الجوانية - والمدرسة المجاهدية البرانية.


وإذا تساءلنا عن ترجمة واقفها، سوف نتعرف على صاحبها، ومن ثم ننتقل للحديث عن المدرستين وماذا بقي منهما؟


ترجمة واقفها:


هو مجاهد الدين أبو الفوارس بزان بن ياسين بن علي بن محمد الجلالي الكردي، كان من مقدمي الجيوش في دمشق أيام نور الدين محمود بن زنكي، ولما كان فتح صرخد - بصرى، أعطى نور الدين مجاهد الدين صرخد ليكون قائماً بأمرها وبقي فيها إلى أن توفي سنة 548ه، ولنستمع إلى أبو شامة مؤرخ الدولة الأيوبية المشهور: "إن مجاهد الدين كان من ذوي الوجاهة في الدولة النورية موصوفاً بالسخاء، البسالة، السماحة، مواظباً لصلواته، وللصدقات على المساكين والفقراء والضعفاء، جميل المحيا، حسن البشر في اللقاء، وله أوقات كثيرة على أبواب البر، منها: المدرسة المجاهدية".


رحمه الله وجزاه الله خيراً.


والان لننطلق في ربوع هذه المدرسة، تقول المصادر: هناك مدرستان تحمل اسم المجاهدية:


  • المدرسة المجاهدية الجوانية: تقع بالقرب من باب الخواصين، في سوق الحرير قرب دكاكين القلبقجية، لم يبق منها سوى الباب وعليه كتابة تاريخية بالخط الكوفي، تعرف اليوم بجامع الحجازية.
  • المدرسة المجاهدية البرانية: تقع بين بابي الفراديس، ودفن الأمير المجاهد واقف هذه المدرسة في الجهة الشمالية لهذه المدرسة، حيث وصى بذلك.

أما عن أصل هذه المدرسة، فهي كانت للقاضي الشريف أبي الحسن علي زكي الدين قاضي القضاة بدمشق، اشتراها الأمير مجاهد الدين وأوقفها لله تعالى، حيث بنى فيها مسجداً، وهي موجودة ولكن غير الناس من اسمها ورسمها.


أما اسمها: يسمونها اليوم بجامع السادات المجاهدية، ولا يُعرف سبب التسمية بالسادات.


أما رسمها: فقد أنقص المختلسون أصحاب النفوس الضعيفة من أطرافها، والباقي منها المسجد، ساحتها موجودة، الجانب الغربي منها تحول إلى بيوتات سكنية، والزاوية الشمالية الشرقية منها منفذ يتصل بدور للسكن، أياً كان فإن الصلوات الخمس لا زالت تُقام في مسجدها، وتصلى فيها الجمعة، وهي ملاصقة لباب الفراديس المشهور، وعلى بابها حجر كبير نقش عليه:


أن الذي بناها بزان، ابن ياسين بن علي بن محمد الخلالي، الكردي، بأمر أمير المؤمنين


ولم يُذكر اسمه، وقد خُفي موضع التاريخ، وهناك كتابة إسهاب في المدح.


هذا ولابد أن نذكر بعض من الذين قاموا بالتدريس فيها من كبار العلماء:


- أبو المعالي قاضي القضاة 537 ه


- ركن الدين القاضي       507 ه


- قطب الدين النيسابوري 540 ه


- أبو الفضائل ابن رستم  563 ه


- الخطيب الحرستاني  682 ه


- القاضي جمال الدين ابن القاضي شهبه 789 ه


- الشيخ تقي الدين بن القاضي شهبه 851 ه وهو شيخ الشافعية في الشام.


ثم الشريف الموقع الحلبي ثم الدمشقي، نائب كاتب السر بدمشق.


ثم تسلمها آل البيت الأشراف (آل الحمزاوي) توارثوها إلى القرن الثالث عشر هجري.


ثم أُغلقت المدرسة وقُسمت وتحولت إلى بيوتات سكنية، لم يبق منها إلا المسجد، وذلك من بعض ضعاف النفوس.


هذا وقد حماها الله على يد الشيخ رمزي البزم -رحمه الله- وقام بتقديم عريضة للأوقاف للمحافظة عليها، ومن ثم طُلب من الشيخ صالح الحموي - رحمه الله - بأن يكون إمام المسجد في عام 1960م وبعد موافقته تجدد المسجد، وأخذت الشعائر الدينية تُقام فيه إلى يومنا هذا. والحمد لله رب العالمين هذا بفضل الله عز وجل.


 


 


روائع العمارة الإسلامية / للريحاوي


دمشق تراثها ومعالمها / للريحاوي