مميز
EN عربي
الكاتب: الدكتور محمد مطيع الحافظ
التاريخ: 15/10/2011

دار القرآن الكريم الدلامية

معالم الشام

دار القرآن الكريم الدلامية (847 هـ)


موقعها:

بالقرب من الماردينية (في الجسر الأبيض) بالجانب الشرقي الآخذ إليه، بالصالحية.

تاريخ بنائها:

أنشأها الخواجا (التاجر الكبير) أبو العباس أحمد بن دلامة البصري الدمشقي إلى جانب داره سنة 847هــ وقبره موجود فيها.

وقفيتها:

قال النعيمي: وقفها في سنة847هــ كما رأيته في كتاب وقفها، ورتب بها إماماً، وله من المعلوم مئة درهم، وقيماً وله مثل الإمام، وستة أنفار من الفقراء الغرباء المهاجرين في قراءة القرآن، ولكل منهم ثلاثون درهماً، في كل شهر، (ولشيخهم عشرة) ومن شرط الإمام الراتب أن يتصدّر شيخاً لإقراء القرآن للمذكورين، وله على ذلك زيادة على معلوم الإمامة عشرون درهماً، وستة أيتام بالمكتب على بابها، ولكل واحد منهم في كل شهر عشرة دراهم، وقرر لهم شيخاً، وله من المعلوم ستون درهماً في كل شهر، } ورتَّب أيضاً {قارئاً لصحيح الإمام البخاري في كل من رجب وشعبان ورمضان، وجعل له من المعلوم مئة وعشرين درهماً، وناظراً له من المعلوم في الشهر ستون درهماً، وعاملاً وله من المعلوم كل سنة ست مئة درهم. ورتب للزيت في كل عام مثلها، وللشمع ولقراءة البخاري وإمام التراويح مئة درهم. ولأرباب الوظائف خمسة عشرة رطلاً من الحلوى، ورأسي غنم أضحية، ولكل يتيم جبة قطنية وقميصاً كذلك ومنديلاً(في كل سنة) وقرر قارئ (ميعاد) في يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وله في الشهر ثلاثون درهماً، وشرط على أرباب الوظائف حفظ حزب الصباح والمساء لابن داود يقرؤونه بعد صلاة الصبح والعصر، وأن يكون الإمام هو القارئ للبخاري، والقارئ على ضريح الواقف، والقيّم هو البواب والمؤذن.

سبب إنشائها:

قال بدران: ذكر بعضهم أن سبب إنشائها أن الخواجا إبراهيم الإسعردي عمر مدرسة بالجسر الأبيض ليس لها نظير، وجعل بها خلاوي، فطلب بها رجل من جماعة ابن دلامة خلوة (غرفة) بشفاعة ابن دلامة فلم يعطه الخلوة التي طلبها، وأعطاه غيرها فلم يقبلها، فقال الخواجا إبراهيم له: قل لابن دلامة يعمر مدرسة مثلها، ويعمر لك خلوة تريدها، فأخبره بذلك، فلم ينم تلك الليلة حتى رسم مكانها وقاسها. فقال الخواجا إبراهيم: ما أردت بذلك إلا تنهيضه لفعل الخير.

وصفها:

قال الشيخ بدران: هي معروفة باسم الدلامية إلى الآن في الطريق الآخذ إلى الصالحية في الجهة الشرقية، وهي عامرة ومشهورة، وحائطها الغربي مبنى بالحجارة السوداء والصفراء على نمط جميل، وبابها مبنى على هندسة لطيفة وإتقان يدل على ما كان للفن المعماري فذلك الزمن من التقدم، وكأن المتقدمين كانوا يتفننون في بناء الأبواب، فيجعون لأبواب دور القرآن طرازاً غير طرز أبواب دور الحديث، ولأبواب (دور) الحديث شكلاً غير شكل أبواب مدارس الفقه والعلوم، ويميزون أبنية السلاطين والأمراء لمعاهد الخير عن أبواب أبنية غيرهم. ومن تأمل مآثرهم رأى ذلك عياناً، ثم إنك إذا دخلت من الباب أفضى بك إلى صحن لطيف في وسطه بركة ماء، وفي الجهة الشمالية إيوان لطيف أيضاً، وفي الجهة القبلية حرم جميل ثلاث عشرة خطوة في سبع، وفي الحائط الشرقي حجرة، وفي الغربي حجرة أيضاً، وبها قبر الواقف، ولها شباك مطل على الطريق، وتلك الدار الآن معدة لإقامة الصلوات الخمس، والأوقات التي اصطلح عليها أتباع الشيخ إبراهيم الرشيدي من المتصوفة، وأخبرني أحد المقيمين بها أن أيدي المختلسين تناولتها قديماً فجعلوا نصفها داراً، والنصف للورد والمورد والأزهار التي يزرعها أهل الصالحية ويبيعونها فلما كانت سنة ثلاث مئة وألف انتدب لها السري المحسن علي بك ان مردم بك المؤيد العظمي فاستخلصها من يد مختلسيها، وبناها على الطراز الذي هي عليه الآن.

التخطيط:

يدخل من الباب إلى دهليز طوله 415سم، وعلى شمال الداخل دور الطهارة، ويتجه إلى الجنوب فيؤدي إلى الصحن، وهو مستطيل 703 * 657 سم، وفي وسطه بحرة مربعة 180*180سم، وفي شماله إيوان واسع 610 * 451، وفي غربه تربة الواقف 331 *200 ولها نافذة على الطريق، والقبر مهدم ولا كتابة عليه. وفي شرقه غرفة جعلت تربة 531 * 450سم فيها قبران. وفي الجنوب المصلى. على بابه كتابة فيها تاريخ تجديد المسجد.

والمرجح أنه قد حدث تغيير على تخطيط المدرسة الأصلي.

وقد تم تجديد الدار حديثاً وبنى في الجهة الشمالية مصلى من طابقين وقد انتهى هذا التجديد سنة 1405 هـ.

مدرسوها:

قال النعيمي: وأول من باشر الإمامة والمشيخة بها الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد البانياسي المتوفى سنة 921 هـــ، وقراءة الميعاد شمس الدين بن حامد: محمد بن عيسى بي إبراهيم المتوفى سنة 887هـــــ.

فائدة:

قال البصروي في تاريخه في حوادث سنة 902 هـــ: في ليلة ثاني عشري رمضان ختم برهان الدين إبراهيم بن مفلح –ولد قاضي القضاة الحنبلي- القرآن بالجامع النظفري بسفح قاسيون، وكنت قد حضرت قراءته وصلاته في المدرسة الدلامية بالصالحية، وقرأ قراءة مجودة حسنة بصوت عال شجي حفظه الله، وحضر الختم جماعة من العلماء والقضاة والأمراء، وأرسل له الكافل خلعة، وخلع عليه نحو ثلاثين خلعة، ولم يصل بالقرآن في هذه السنة غيره. حرسه الله وحفظه ومتع بحياته وحياة أبيه وأخويه. آمين.

المرجع:

دور القرآن الكريم بدمشق تألبف الدكتور محمد مطيع الحافظ