مميز
EN عربي

الفتوى رقم #53791

التاريخ: 31/10/2015
المفتي:

مذهب السلف هو التفويض والبعد عن عبارات توهم التشبيه

التصنيف: العقيدة والمذاهب الفكرية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشايخنا الكرام سمعت من احد الوعاظ في موعظة له يقول : الله بائن من خلقه مستوي على عرشة استواء يليق به وله يد تليق به وله وجه يليق به وينزل نزولا يليق به و يرضى ويغضب ويضحك كل ذلك بما يليق به ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. هل هذا القول يعتبر من قبيل التفويض في الصفات الذي عليه السلف افيدونا جزاكم الله خير وما هو القول الأسلم بارك الله في جهودكم.
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته؛ وبعد؛ فواضحٌ أنه يُصَوِّرُ مذهبَ السلف في فهم المتشابهات غير أن العبارات المعروضة قد تُوهم إشكالاً وربما دفعت للتشبيه وهذا ما لا يجوز بحال, والسلامةُ ما قاله علماء العقيدة أنَّ الأصل الالتزام بمدلول البيان الإلهي وذلك بعدم اتباعِ المتشابه فتنةً فقد قال سبحانه وتعالى(هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ)فحَمْلُ المتشابه على المحكم هو الأصل والأساس وعدم اصطلاح عبارة توهم التشبيه هو المطلب يقول الإمام اللقاني في الجوهرة: وكلُّ نصٍّ أوْهَمَ التَّشْبيها أوِّلْه أو فوِّض ورم تنزيها إشارةً إلى مذهب السلف والخلف, وأن مذهب السلف هو التفويض مطلقاً وهو صَرْفُ اللفظ عن ظاهره مع عدم التَعَرُّضِ لبيانِ المعنى المراد منه بل يُفَوِّضُ أمرَه إلى الله تعالى بأن يقول الله أعلم بمراده. فكانوا يقولون أَمِرُّوها كما هي. اللهم إلا لوازم التأويل الإجمالي في مثل قوله تعالى: (هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) أي إلا ذاته, ومعلومٌ أنَّ مثل هذا التأويل أثبته الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه وغيره من السلف المتقدِّمين رضي الله عن السلف والخلف من هداة هذه الأمة. في الختام أقول: ينبغي التحفُّظُ الدَّقيق في اختيارِ العبارات بين يدي العامة كي لا يَقَعُوا في شُبْهَةِ التشبيه فيكون فتنة, فقولك: الله يضحك قد يتبادر لأذهانهم صورةَ الحادث وهو يضحك وهو سبحانه القائل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) يقول القاضي عياض في قوله صلى الله عليه وسلم: (يضحك الله إلى رجلين..) الحديث هو مجازٌ عن الرضى بفعلهما والثوابِ عليه, وذلك لاستحالة الضحك في ذاته لأنه مِن أوصافِ الحوادث, إذن فالفَهْمُ على مُقتضى أوصافِ الألوهية المنزهة عن أوصاف الحوادث على ميزان المحكم وعليه تكون ضوابط الكلام في مذهب السلف والخلف, وبذلك لاندخل في وعيد قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ) وللمسألة تفصيل وجيه في كتب العقيدة, أنصح بالرجوع إلى شرح الباجوري على الجوهرة