مميز
EN عربي

الفتوى رقم #44634

التاريخ: 18/02/2014
المفتي:

ما كان المزاجُ يوماً منطلقَ دليلِ

التصنيف: العقيدة والمذاهب الفكرية

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله من فضلكم سيدي الكريم، قرأت في الفقه الاسلامي للشيخ وهبة حفظه الله اجماع المذاهب على مخاطبة النبي صلى الله عليه و سلم في التشهد مباشرة، ثم عرض لي ان سالني احد الاصدقاء عن اثر ابن مسعود رضي الله عنه في كون الصحابة كانوا يفعلون ذلك ايام النبي ثم لما توفي انتقلوا الي قولهم السلام علي النبي، فكيف افهم ذلك و كيف رد سادتنا الفقهاء على ذلك؟ و جزاكم الله عني خيرا، و السلام عليكم و الرحمة
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى, أقول: إنَّ في الناس اليومَ مَن يَبغي التشويشَ على الأمة لاسيما فيما يتعلق بخصائص نبيها الأكرم صلى الله عليه وسلم, ونورِ صلتِها به كدالٍّ على صراط الله القويم بحبلِ الحب والوجدان, وما ذلك إلا لجهلهم بحقيقة الحبِّ النبوي وحاجتهم الماسة إليه, وغفلتهم عن سبيل مفتاح الوصول إلى مِعراج الأصول بحقائق الرسول صلى الله عليه وسلم تلك التي بلغتنا عن الوحي لاعن الهوى. أما جوابي عما سألت فيكفي كلَّ عاقل وُزِنَ عقلُه بميزان العلمِ الصحيح ما سأعرِضه عليك من الشواهد, فأقول وبالله التوفيق: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: أخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدي, وعلَّمني التشهُّد كما كان يُعلِّمُني سورةً من القرآن, وقال: (قل: التحيات لله, والصلوات والطبيات, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.. إلى آخره . قال الإمام الزيلعي: قلت: أخرجه الأئمة الستة عنه واللفظ لمسلم, قال: علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كَفِّي بين كفَّيْه, كما يُعلمني السورة من القرآن, فقال: (إذا قعد أحدكم في الصلاة, فليقل: التحيات لله, والصلوات, والطيبات, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته, السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين_. فإذا قالها أصابتْ كلَّ عبد صالح في السماء والأرض _ أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) وأخرج الطحاوي عن ابن عمر أنَّ أبابكر علَّمه الناسَ على المنبر, ووافقَ ابنَ مسعود في روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا التشهدَ جماعةٌ من الصحابة فمنهم معاوية, ومنهم أبو سعيد الخدري, ومنهم جابر ... هذا؛ وفي تشهُّد ابن عباس الذي أخرجه الجماعة إلا البخاري عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن _وفيه_ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته... وفي حديث أبي موسى الذي أخرجه مسلم وأبوداود, والنسائي, وابن ماجه عن حطان ابن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى قال: خطبنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وبيَّن لنا سنتنا, وعلَّمَنا صلاتنا, فقال: (إذا صليتم, فكان عند القعدة, فليكن من أول قول أحدكم: التحيات. الطيبات. الصلوات لله. السلام عليك أيها النبي ... الحديث. وفي حديث جابر الذي أخرجه النسائي وابن ماجه, وفيه .. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وفي حديث عمر الذي رواه مالك في الموطأ قال أخبرنا الزهري عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه سمع عمرَ بن الخطاب وهو على المنبر يُعَلِّمُ الناسَ, يقول: قولوا: (التحيات لله. الزاكيات. الطيبات لله. الصلوات لله. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ..) الحديث. فهل أدركنا من أين خرج الإجماع وكيف كان امتدادُه إلى يومنا هذا, لذا فإنْ كان المنكِرُ يُنْكِرُ لرفضٍ مِزاجيٍّ فهي مشكلتُه وسقم عقله منبعُ إشكاله, لكنْ ما كان المزاجُ يوماً منطلقَ دليلِ أو استدلال, بل دافعاً إلى حصر صاحبه بالدليل وردِّه إلى حقيقة النفع من أدب الاتباع للحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم.