مميز
EN عربي

الفتوى رقم #42980

التاريخ: 19/10/2013
المفتي:

حول المعنى المراد من حديث قدسي

التصنيف: السنة النبوية وعلومها

السؤال

السلام عليكم اكرمك الله اسرع فى اجابتى سمعت احديث قدسى يقول يا اِبنَ آدمَ خَلَقتُكَ لِلعِبَادةَ فَلا تَلعَب , وَقسَمتُ لَكَ رِزقُكَ فَلا تَتعَب , فَإِن رَضِيتَ بِمَا قَسَمتُهُ لَكَ أَرَحتَ قَلبَكَ وَبَدنَكَ ، وكُنتَ عِندِي مَحمُوداً , وإِن لَم تَرضَ بِمَا قَسَمتُهُ لَكَ فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي لأُسَلِّطَنَّ عَلَيكَ الدُنيَا تَركُضُ فِيهَا رَكضَ الوُحوش فِي البَريَّةَ ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ لَكَ فِيهَا إِلا مَا قَسَمتُهُ لَكَ ، وَكُنتَ عِندِي مَذمُومَا ) . فهل المقصود ب الرزق الطعام والشراب فقط ام العمل والعلم والصحه وهكذا 2/هل هوصحيح ام لا وان كان ضعيف فهل هناك حديث صحيح يحمل نفس المضمون وشكرا
الأخ العزيز؛ لاشك بأن مقاطع الحديث كلها من ثوابت الأدلة الصحيحة المنثورة في القرآن وكتب الحديث لاسيما الجملة الأولى المذكرة بقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 أما جواب السؤال فالظاهر من جُمل الحديث أن المقصود من الرزق هو مايحتاجه العبد للجسد من زاد البقاء والحياة من طعام وشراب مما أُمِرَ بالمشي له في دنياه برفق دون تعلُّق أوأثرة, للعلم بأنه مقسوم مخبوء لصاحبه. ففيه توجيه للعبد أن يهتم _سعيا_ بما خُلق من أجله على ميزان قوله سبحانه: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} أن يُجْمِلَ في طلب الرزق على ميزان قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }/الملك15/ لأن الأصل في المنهج السلوكي هو أن يسعى جاهداً للوصول إلى آخرته سالما غانما مُتَعَرِّفاً غيرَ مَغبون فإن ربنا يحب من يتاجر معه ويربح ربحَ الوصول إلى معرفته والركون إلى ساحة فضله ورحاب أنسه, فلاشأن عند الله تعالى لشيء كسبيل الفهم الصحيح عنه سبحانه والعمل السليم يقول من لاينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: (الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ مافيها إلا ذكرَ الله وما والاه وعالما أو متعلما ) وفيه تصحيح لمفهوم العقيدة بأن الله تعالى هو المتفردُ بالعطاء والمنع وأنَّ أحدا لايزيد ولاينقص فيما قسم له من رزق الدنيا . هذا؛ ومن سنن الله في كونه أن يذلِّل الصِّعابَ للعبد المؤمن إذا شُغِل بما خُلِقَ من أجله وأن يرزقه راحة القلب بسلامته وراحة بدنه رضىً بما قسم له. ومنها أن يصيبَ العبدَ العابثَ الساخطَ بالعنتِ والرهق والشدة وظلمة القلب قبل الوصول إلى ماقُسم له, يُبتلى بالاعتراض على القضاء لتُقام الحجةُ عليه يوم الحساب فيَلْقَى اللهَ مُفلسا وهو عليه ساخط . يقول عليه الصلاة والسلام: ( من كانت الآخرةُ همَّه جعل الله غناه في قلبه, وجمع له شمله, وأتَتْه الدنيا وهي راغمةٌ, ومن كانت الدنيا همَّه جعل الله فقره بين عينيه, وفرَّق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ماقُدِّرَ له ) /رواه الترمذي/ ويقول صلى الله عليه وسلم: ( من جعل الهمَّ همّاً واحدا كفاه الله همَّ دنياه, ومن تشعَّبَتْهُ الهموم لم يبالِ الله في أي أودية الدنيا هلك )/رواه الحاكم والبيهقي وابن ماجه/ والمعنى؛ والله أعلم أن من جعل الهمَّ غاية واحدة هي التفكر بما يرضي الله عز وجل كفاه الله تعالى كل مؤنة, ومن تفرقت به الهموم في المطالب والغايات الفانية حرصا واستئثاراً وكله الله إلى الدنيا الغَرور الغادرة لذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم :( مَن أصبح وهمُّه الدنيا فليس من الله في شيء ) /رواه الطبراني/ وفيه أيضا ( من أصبح حزينا على الدنيا أصبح ساخطا على ربه ) أقول: والأدلة في مضامين حديثنا كثيرة جدا لكن يُكتفى للدلالة بما يَسَّرَ الله سبحانه سائلاً إياه سبحانه أن يرزقنا الفهم عنه وأن يُسْمِعَنا منه, ويُبَصِّرَنا به, وأنْ يُلْبِسَنا لباسَ التقوى منه إنه على كل شيء قدير . ولاتنسنا من دعوة صالحة بارك الله بكَ