الشيخ محمد الفحام
الفتوى رقم #3634
حكم التعامل مع الجن الصالح، وشروط الرقية الصحيحة
السؤال
حكم التعامل مع الجن الصالح في امور الخير اذ انه صادفني شخص معروف بصلاحه وتقواه يرقي الناس يحضر جن يقول انه مسلم يحضره في جسد امراه ويساله عن احوال مرضاه ويجاوب الجني ويقول هذه تجربه ناجحه واثبتت جدوالها وينطلق من قوله صلى الله عليه وسلم من كان قادرا ان ينفع اخاه فاليفعل حيرتني تجربة هذا الراقي وان كانت صحيحه كيف لنا ان نتاكد من صلاح هذا الجني اذ انه غيب علينا وقال رسول الله صدقك وهو كذوب ناقشت هذا الراقي وكان ذو علم لكنه استند ع امور وافكار فيها التواء ع عنق النصوص الشرعيه
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه وتبعه بإحسان؛ وبعد، فإنَّه لما كان الأمْرُ أَمْرَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان هو المرجعَ الأساسَ في معرفةِ الحكمِ جوازاً وعَدَماً
هذا؛ والرقيةُ أَمْرٌ هو مَنْ شرعِهِ صلى الله عليه وسلم، وجعل له ضوابطَ ربطها بالعقيدة عُبوديةً لله تعالى، فلم يُوجِّهْنا عليه الصلاة والسلام فيها إلى تحضيرِ مخلوقٍ مِنْ عالَمٍ آخَرَ غيرِ عالَمِ الإنس، بل المشروعُ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّ الصالحَ مِنَ المؤمنين الأَناسيِّ هو الذي تُطْلُبُ منه الرُّقية وهي حقيقةٌ ثابتةٌ في هدي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَمَنْ سعى إلى غيرها، فقد خالفَ الحكمَ الشرعيَّ.
ثم إنَّ صاحِبَك فيما يفعلُهُ داخِلٌ في غياهِبَ لا يَملكُ الرجوعَ عنها إذا تَمَكَّنَ الجِنُّ منه، فيغدو بذلك أَسيراً لعالَمٍ ليس هو عالمه.
نعم! هنالك مِنَ الجِنِّ صالحون، بل وأَوْلياء ولكنَّهم مُتَعَلِّقون بعالَمِهم النَّاريِّ الْمُرْهِقِ لغير جنسِهم، والخطرُ في صاحبِك أن يكون تلبيساً يَحْجُبُهُ عما خُلِقَ العبد مِنْ أجلِه كالانشغال بالله ومقام العبودية له سبحانه وتعالى.
هذا؛ والإشكالُ الأَخطرُ فيه أنَّه يُحَضِّرُ على امرأةٍ، فهذا يَعْني أنَّه تَلَبُّسُ جِنيِّ بإنْسِيَّة، ولِمَ المرأة؟ أَلأنَّها ضعيفةٌ يُخْتَرَقُ حِجابُها بِسهولَةٍ، وكم في هذا مِنَ إضرارٍ لِجَسَدِها ما فيه لأَنَّه خَرْقٌ لِحجابِ الحفظِ الذي مَتَّعَها اللهُ تعالى به وجعله حولَ الجِسْم الإنساني عامَّة، لذا فذلك نوعٌ مِنَ الْمَسِّ المؤذي، وأمَّا إذا كان نوعاً مِنَ التَّحريكِ عليها لذلك الغَرَضِ، فهو نوعٌ مِنْ أنواعِ السِّحر المحرَّم أشد التحريم بل هو من الكبائر.
وهنا السؤالُ الذي يَفْرِضُ نفسَه، تُرى لِمَ لَمْ يَتَقِ اللهَ هو نفسُه، ويفتقرْ إليه سبحانه، فَيَرْقِيَ، أو يأْخُذَ بِيَدِ المريض إلى أَحَدٍ مِنَ الصالحين -وما أكثرَهم- فَيُجْلِسَهُ بين يديه لِيَرْفَعَ العِبئَ عن نفسَه ويُنجيها مِنَ الْمُساءَلَةِ يومَ العَرْضِ على الدَّيَّان الذى هو الشاهدُ والحاكم عزَّ وجلَّ.
ألا فَلْنَعْلَمْ أنَّ لِلرُّقْيَةِ شروطاً حتى يصحَّ العملُ بها!!؟ أوَّلها وأهمُّها؛ عدمُ اعتقادِ التأثيرِ منها ومِنَ الراقي، وثانيها؛ عدمُ الاعتماد عليها، وثالثها؛ إعتقادُ أنها مجرَّدُ سببِ أَتَيْنا به تَشَرُّعاً، وقد غَسَلْنا قَلْبَنا مِنَ الاعتمادِ عليه تحقُّقَاً، ورابعها؛ شهودُ أنَّ العافيةَ فيما يُقَدِّرُه اللهُ تعالى في المآل ذلك أنَّ الرقية في جوهرِ الأَمْرِ دعاءٌ ورجاءٌ واستجداء مِنَ الجليلِ الأعلى والأعلم بالمآل النافع للعبد، فَبِحِكْمَتِه سبحانه يُقَدِّرُ به إما تعجيلَ الإجابة، أو تأخيرَها لموعدِها المناسِب، أو التخفيف مُقابِلها من الأعباء المرهقة للعبد في حياته، أو جعلها مُدَّخَراً للمآل يوم الحساب، أَجَل! هي تقاديرُ إلهيةٌ لِنَفْعِ الْمُسترقي، فالله الربُّ الحكيم قد جعلها في دائرة العافية الحقيقية للعبد ولكن كثيراً ما تَغِيبُ عن العبد حكمةُ الربِّ فعليه أنْ يلتزمَ الأدب.
أما الكلامُ عن مَفهومِ نفعِ الأخِ لأخيه عَبْرَ أحاديثِ النَّبيِّ الكريمِ صلى الله عليه وسلم وهي كثيرةٌ، فَمُتَعَلَّقُها عموماً بكلِّ ما لا نَصَّ فيه، وأَمَّا ما نحن فيه فَصَفحاتُ المعروضِ النبويِّ مِنْ فَمِهِ الشريفِ صلى الله عليه وسلم كثيرةٌ غزيرةٌ مُباركَة مُوجَّهة، ومُوجِّهة، ولا زيادةَ لِمُسْتَزيد، ومَنْ خالفَ، فقد تاه في المجهول، بل والمجاهيل عافانا الله تعالى.
وشيءٌ لا بد مِنْ أنْ نَقْرَعَ مِسْمَع صاحبِك به؛ هو أن تقول له: إنَّ ضَمانَك النتائجَ نوعٌ مِنْ الغرور يُخشى عليك به مِنَ الحجاب عن الله تعالى، فإنْ أَصرَّ وتحدَّى، فَقُل إنه لا يملك التحدي فى ذلك حتى وغيرِه إلا الأنبياء فإنْ بَقِيَ على تحدِّيه، فإيَّاك وإياه لأنَّ صحبتَه سُمٌّ قاتل، وهل هنالك أذهبُ لإيمان العبد من الحجاب عن الله بالتشوُّفِ وحُبِّ الظهور والشُّهرة، وأن يقال: فلان فعل وفلان اقتدر، وفلان لَمْسَتُهُ لَمْسَةُ نبيٍّ لا تتخلَّف؟؟! وهكذا إلى أنْ يَهويَ في مَهاوي ضلالاتِ باطن الإثم.
هذا؛ ولا يَظُنَّ صاحبُك أني أحارِبُ شخصَهُ، بل إنَّما أُمِرْنا أنْ نُحارِبَ باطنَ الإثمِ لا سيما التحدِّي والادِّعاءَ لما فيهما من الاستكبار والعجب والرياء.
شيءٌ أخير لابد مِنْ لَفُتِ النَّظَرِ إليه هو أنَّ الجنَّ الصالحين تَبَعٌ للإنس في استجداءِ الرحمات فهم يحضُرون معهم صلواتهم ومجالسَ ذِكْرهم وعِلمهم وتلاوة القرآن، ويتباركون بأهلِها، ويرجعون إلى أهليهم وأصحابهم مُذَكِّرين، لكن هذا غيرُ التعامل، فللجنِّ عالَمُهم، وللإنس عالَمُهم، والكلام عن هذا الجانب واسع جداً تَجِدُ فُسْحَتَهُ في كتب التفاسير المعتمدة لاسيما القرطبي، وخاصة عند سورة الجن.
ألا فلنختر لأنفسنا من الأعمال ما ينجينا من المساءلة وعبء الأوزاو والله هو الهادي إلى السبيل، والموفق إلى أيسر طرق التقوى والورع.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه وتبعه بإحسان؛ وبعد، فإنَّه لما كان الأمْرُ أَمْرَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان هو المرجعَ الأساسَ في معرفةِ الحكمِ جوازاً وعَدَماً
هذا؛ والرقيةُ أَمْرٌ هو مَنْ شرعِهِ صلى الله عليه وسلم، وجعل له ضوابطَ ربطها بالعقيدة عُبوديةً لله تعالى، فلم يُوجِّهْنا عليه الصلاة والسلام فيها إلى تحضيرِ مخلوقٍ مِنْ عالَمٍ آخَرَ غيرِ عالَمِ الإنس، بل المشروعُ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّ الصالحَ مِنَ المؤمنين الأَناسيِّ هو الذي تُطْلُبُ منه الرُّقية وهي حقيقةٌ ثابتةٌ في هدي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَمَنْ سعى إلى غيرها، فقد خالفَ الحكمَ الشرعيَّ.
ثم إنَّ صاحِبَك فيما يفعلُهُ داخِلٌ في غياهِبَ لا يَملكُ الرجوعَ عنها إذا تَمَكَّنَ الجِنُّ منه، فيغدو بذلك أَسيراً لعالَمٍ ليس هو عالمه.
نعم! هنالك مِنَ الجِنِّ صالحون، بل وأَوْلياء ولكنَّهم مُتَعَلِّقون بعالَمِهم النَّاريِّ الْمُرْهِقِ لغير جنسِهم، والخطرُ في صاحبِك أن يكون تلبيساً يَحْجُبُهُ عما خُلِقَ العبد مِنْ أجلِه كالانشغال بالله ومقام العبودية له سبحانه وتعالى.
هذا؛ والإشكالُ الأَخطرُ فيه أنَّه يُحَضِّرُ على امرأةٍ، فهذا يَعْني أنَّه تَلَبُّسُ جِنيِّ بإنْسِيَّة، ولِمَ المرأة؟ أَلأنَّها ضعيفةٌ يُخْتَرَقُ حِجابُها بِسهولَةٍ، وكم في هذا مِنَ إضرارٍ لِجَسَدِها ما فيه لأَنَّه خَرْقٌ لِحجابِ الحفظِ الذي مَتَّعَها اللهُ تعالى به وجعله حولَ الجِسْم الإنساني عامَّة، لذا فذلك نوعٌ مِنَ الْمَسِّ المؤذي، وأمَّا إذا كان نوعاً مِنَ التَّحريكِ عليها لذلك الغَرَضِ، فهو نوعٌ مِنْ أنواعِ السِّحر المحرَّم أشد التحريم بل هو من الكبائر.
وهنا السؤالُ الذي يَفْرِضُ نفسَه، تُرى لِمَ لَمْ يَتَقِ اللهَ هو نفسُه، ويفتقرْ إليه سبحانه، فَيَرْقِيَ، أو يأْخُذَ بِيَدِ المريض إلى أَحَدٍ مِنَ الصالحين -وما أكثرَهم- فَيُجْلِسَهُ بين يديه لِيَرْفَعَ العِبئَ عن نفسَه ويُنجيها مِنَ الْمُساءَلَةِ يومَ العَرْضِ على الدَّيَّان الذى هو الشاهدُ والحاكم عزَّ وجلَّ.
ألا فَلْنَعْلَمْ أنَّ لِلرُّقْيَةِ شروطاً حتى يصحَّ العملُ بها!!؟ أوَّلها وأهمُّها؛ عدمُ اعتقادِ التأثيرِ منها ومِنَ الراقي، وثانيها؛ عدمُ الاعتماد عليها، وثالثها؛ إعتقادُ أنها مجرَّدُ سببِ أَتَيْنا به تَشَرُّعاً، وقد غَسَلْنا قَلْبَنا مِنَ الاعتمادِ عليه تحقُّقَاً، ورابعها؛ شهودُ أنَّ العافيةَ فيما يُقَدِّرُه اللهُ تعالى في المآل ذلك أنَّ الرقية في جوهرِ الأَمْرِ دعاءٌ ورجاءٌ واستجداء مِنَ الجليلِ الأعلى والأعلم بالمآل النافع للعبد، فَبِحِكْمَتِه سبحانه يُقَدِّرُ به إما تعجيلَ الإجابة، أو تأخيرَها لموعدِها المناسِب، أو التخفيف مُقابِلها من الأعباء المرهقة للعبد في حياته، أو جعلها مُدَّخَراً للمآل يوم الحساب، أَجَل! هي تقاديرُ إلهيةٌ لِنَفْعِ الْمُسترقي، فالله الربُّ الحكيم قد جعلها في دائرة العافية الحقيقية للعبد ولكن كثيراً ما تَغِيبُ عن العبد حكمةُ الربِّ فعليه أنْ يلتزمَ الأدب.
أما الكلامُ عن مَفهومِ نفعِ الأخِ لأخيه عَبْرَ أحاديثِ النَّبيِّ الكريمِ صلى الله عليه وسلم وهي كثيرةٌ، فَمُتَعَلَّقُها عموماً بكلِّ ما لا نَصَّ فيه، وأَمَّا ما نحن فيه فَصَفحاتُ المعروضِ النبويِّ مِنْ فَمِهِ الشريفِ صلى الله عليه وسلم كثيرةٌ غزيرةٌ مُباركَة مُوجَّهة، ومُوجِّهة، ولا زيادةَ لِمُسْتَزيد، ومَنْ خالفَ، فقد تاه في المجهول، بل والمجاهيل عافانا الله تعالى.
وشيءٌ لا بد مِنْ أنْ نَقْرَعَ مِسْمَع صاحبِك به؛ هو أن تقول له: إنَّ ضَمانَك النتائجَ نوعٌ مِنْ الغرور يُخشى عليك به مِنَ الحجاب عن الله تعالى، فإنْ أَصرَّ وتحدَّى، فَقُل إنه لا يملك التحدي فى ذلك حتى وغيرِه إلا الأنبياء فإنْ بَقِيَ على تحدِّيه، فإيَّاك وإياه لأنَّ صحبتَه سُمٌّ قاتل، وهل هنالك أذهبُ لإيمان العبد من الحجاب عن الله بالتشوُّفِ وحُبِّ الظهور والشُّهرة، وأن يقال: فلان فعل وفلان اقتدر، وفلان لَمْسَتُهُ لَمْسَةُ نبيٍّ لا تتخلَّف؟؟! وهكذا إلى أنْ يَهويَ في مَهاوي ضلالاتِ باطن الإثم.
هذا؛ ولا يَظُنَّ صاحبُك أني أحارِبُ شخصَهُ، بل إنَّما أُمِرْنا أنْ نُحارِبَ باطنَ الإثمِ لا سيما التحدِّي والادِّعاءَ لما فيهما من الاستكبار والعجب والرياء.
شيءٌ أخير لابد مِنْ لَفُتِ النَّظَرِ إليه هو أنَّ الجنَّ الصالحين تَبَعٌ للإنس في استجداءِ الرحمات فهم يحضُرون معهم صلواتهم ومجالسَ ذِكْرهم وعِلمهم وتلاوة القرآن، ويتباركون بأهلِها، ويرجعون إلى أهليهم وأصحابهم مُذَكِّرين، لكن هذا غيرُ التعامل، فللجنِّ عالَمُهم، وللإنس عالَمُهم، والكلام عن هذا الجانب واسع جداً تَجِدُ فُسْحَتَهُ في كتب التفاسير المعتمدة لاسيما القرطبي، وخاصة عند سورة الجن.
ألا فلنختر لأنفسنا من الأعمال ما ينجينا من المساءلة وعبء الأوزاو والله هو الهادي إلى السبيل، والموفق إلى أيسر طرق التقوى والورع.