مميز
EN عربي

الفتوى رقم #31928

التاريخ: 26/03/2012
المفتي:

هل أخبر الشيخ بذنوبى ليساعدنى على التخلص منها

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلىاله وأصحابه أجمعين ثم ام بعد فإن سؤالى متعلق بقضية الشيخ المربى فأنا حديث عهد فى الطريق وقد أخذت العهد على شيخ فى الاسابيع القليلة الماضية. سؤالى هو هل أخبر الشيء بذنوبى ومعاصي حتى يساعدنى على التخلص منها وخاصة وأنى شاب مسلم ولا يخفى عليكم فتن الشباب فى هذا الزمن من غض للبصر إلى أخره سؤالى هو هل أخبر الشيخ حتى يساعدنى ويرشدنى؟أرجوا الجواب فى أقرب وقت ممكنمع توضيح الأمر بارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أقول: ليست العلاقة بين الشيخ والمريد ارتباطاً بين متَّهمٍ وقاضٍ، وإنما هو ارتباط بين سالك ومربٍّ توفَّرت فيه شروط التربية والتي من أهمها؛ العلم والعمل والحال السليم عبر ثوابت منهجية لُخِّصَتْ بقولهم [العلم الصحيح والذوق الصريح، والهمة العالية، والحالة المرضية، والفراسة الصادقة والإذن من مرشد توفرت فيه تلك الشروط]. فالأصل في قضية الارتباط التربيةُ والتزكية، والتوجيه النبوي السديد الذي أسَّسَ عليه النبيُّ الأعظم صلى الله عليه وسلم أصحابَه الكرام ووجَّه إليه الأمة المحمدية. ثم استنهاض همة المريد بالحال السليم المتوازن والمنبثق من قلبٍ لاهمَّ لصاحبِه إلا تنوير القلوب، ولا حاجة عنده سوى التعريف والدلالة. أما مسألة اعتراف المريد بين يدي الشيخ فليستْ مطلباً معروضاً أو أمراً مشروطاً ... ولا يؤمر المريد بذلك ولا يُنهى هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى أنه لو أراد عرضَ محَنتِه على الشيخ فمهمة الشيخ المربي هنا أمورٌ خمسةُ؛ 1- التلقي على الرحمة وفتح باب الأمل 2- تبيان الحكم الشرعي 3- التوجيه والتربية بالحكِمة والموعظة الحسنة 4- حفظ السر بنسيانِه وعدمِ الوقوف عنده في أي مناسبة على الإطلاق 5- عدمُ إشعارِ المريد بأنه دون قدر شيخه بالاستخفاف أو التقريع. ثم اعلم أخي الطيَّب بأنه لا يجوز للشيخ استلزامُ المريد أو حصارُه نفسياً لأن في ذلك نوعاً من القطع والإبعاد على أصولِ المقاصد في طريقِ الله سبحانه، فإن من شأن الشيخ المربي أن لا يُنَصِّبَ نفسَه وصيًّا على تصرفاتِ مريده وأفعاله فيجعل المدَّ والجَذْر في العلاقةِ عبر ما يُرضيه أو ما يزعجه، فإنه قد علَّمنا أشياخُنا أن همَّة الشيخ تتضاعف في المريد إذا تاهَ أو ضَلَّ أو قصَّر لكونه في مثل هذه الحالة مريضاً يحتاج إلى الحكمةِ التامة مع العِلاج واللطف الكامل عند تجرعه والأجر بذلك ومن ثَمَّ فلا يملكُ المربي -مهما أوتي من إمكانات- أنْ يُدْخِلَ النارَ، أو يقنِّط أحداً من رحمةِ الغفار. نعم؛ قد يقتضيه منهج التربيةِ أن يحِزم تارة، ويُحذِّر أُخرى ولكن في إطار: وقسا ليزدجروا ومن يَكُ راحماً فليَقْسُ أحياناً على مَن يرحمُ أي فهي من قبيل رحمةِ الوالد بوالدِه النابعة من أصلِ الإحسان والعون على البر بالمحسن الأعلى عز وجل. هذا؛ وقد هذبَنا أشياخُنا على مثل هذا النظام من خدمة عبادِ الله وحبِّ الخير لهم والحرصِ على قلوبهم في ظل الصحبة النافعة لهم كصالحين عرفوا حقَّ الله بمعرفةِ تنزلات الجلال والجمال بناءً على قواعدِ شريعةِ المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي روضه (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) ودوحة "هم القوم لا يشقى بهم جليسُهم". وإني على يقين أنَّ في دوام الصحبة -في نظام المجالس المباركة العلمية والوجدانية- مع أهلها ضمانٌ لكَ من الفِتن فضلاً عن مُقدِّماتها، ذلك أن النّفْسَ تتأثر بأهل الصلاح أيَّما تأثُّر وتسمو معرفةً بالحبِّ الخالص على معاني الأُخوّة المُجردة التي تُثْمر أول ما تثمر سَريانَ الأحوال، وصلاحَ الأفعال، وأنشر القرب بذي الجلال والجمال. وفقك الله تعالى لحُسْنِ السير بيُسْر السلوك مع حِفظ المودة لأولئك الكرام الذين شرفهم الله بالأدب الحق مع الحق، وصُحْبةِ الخير مع أهل الصدق مِن الخلق، فكانوا معاً كما قال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن يكفُّ عليه ضيعته ويحوطُه من ورائه" /أخرجه أبو داوود بسند حسن/.