مميز
EN عربي

الفتوى رقم #31483

التاريخ: 21/02/2012
المفتي:

التزام بيعة مع شيخ مربي

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم. مريد وضع يده في يد الشيخ المربي واخذ العهد منه على ان يحافظ على اوراد الطريقة, ما هو حكم المحافظة والالتزام بهذا العهد , هل هو فرض ام واجب ام مستحب ام ماذا؟؟؟؟؟
كثيراً ما يُنكر المرء شيئاً غَفْلةً عن معرفة جوهره وكُنْه حُكمه، وجميل أن نسألَ ونزيل الأَلباس، مع الشكر على طريقة السؤال وتصويرها. بداية أقول: أولاً: هل كلمةُ بيعة أو عهد واردة في الكتاب والسنة أم هي نوعٌ مخترعٌ في الدين؟ ثانياً: هل هي بيعة لشخصِ المربي وربطُ شخصٍ بشخص ليس إلّا؟؟ ثالثاً: ما هو مكنونُ المعاهد عليه والمبايعة من أجله. فأولاً: قد قال تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهدَ كان مسؤولاً) قال أهل التفسير: عهدُ الله؛ أي؛ تكاليفه، أو عهدُ الناس الذي يُبرمونَه معهم إبراماً موثقاً على ميزان الشرع وأحكامه، وكلُّ ما يلتزمه الإنسان باختياره، ويدخل فيه الوعد والبيع والأَيمان. (وهنالك تفصيلٌ جليل في المطولات فارجع إليها إن شئت) هذا، وقد مدح اللهُ الموفين بِعَهْدِهم فقال: (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) البقرة /177 وقال سبحانه: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) المؤمنون/8 والمعارج /32 وثانياً: إنَّ العهدَ الذي يؤخذ على المريد إنما هو نوعُ تجديدٍ لعهد المؤمن القديم مع ربِّه، وليس عهداً لشخصِ الشيخ، ذلك أن مهمة الشيخ المربي الحقيقي إنما هي الدلالة على بضاعةِ الرحمن يُزكِّي ويُهَذِّب ويذكر بنظام كتاب الله وهدي رسوله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم ومن أجل ثباته واستقامته كلَّما قصَّر أو فتر رَدَّه بلطف القول النبوي ونور الحكم الإلهي. وثالثاً: إن المعهود عليه إنما هو جملةٌ من دروس العلم -من الفروض العينية- من تفسير وحديث وفقه وعقيدة ولغة وتربية، ثم جملة من الأذكار الواردة أفرادها في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم من استغفار وصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم وذكرٍ كثير لله تعالى. ومعلومٌ حكمُ الشرع في الطلب للعلم والذكر والتزكية للنفس في نظام العقيدة والتوحيد. هذا؛ وقد بايعَ الصحابة الكرام النبي صلى الله عليه وسلم على تلك المضامين المباركة. منها؛ قوله صلى الله عليه وسلم كما ورد في البخاري: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا بِبُهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف، فَمَن وفَّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهُو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه". قال عبادة بن الصامت: فبايَعناه على ذلك. وعن جرير بن عبد الله قال: "بايعت ُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم" أخرجه البخاري. والأحاديث في ذلك كثيرة مستفيضة. وخذ في الختام هذه اللفتة المباركة: يقول سيدي الشيخ عبد القادر عيسى في كتابه [حقائق عن التصوف]: ثم نهج الوُرَّاث من مرشدي الصوفية منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، في أخذ البيعة في كلِّ عصر ... ثم ذكر أن الشيخ الوليَّ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه فتح باب البيعة والتوبة يدخل فيه المسلمون من كلِّ ناحية من نواحي العالم الإسلامي يجدِّدُون العهدَ والميثاق مع الله ويعاهِدون على أن لا يشركوا ولا يكفروا ولا يفسقوا ولا يبتدعوا، ولا يظلموا، ولا يستحلوا ما حرَّم الله، ولا يتركوا ما فرضَ الله، ولا يتغانَوا في الدنيا، ولا يتناسوا الآخرة ... وفقني الله وإياك إلى ما فيه الفِقهُ والرشادُ، وحبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وصحبة الصالحين وحبهم فإنه يُحشر المرء مع من أحب، كما أخبرنا مَن لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فإنَّ في ذلك الفلاح، واللهِ ما أفلح مَن أفلح إلا بِصُحْبةِ من أفلح.