مميز
EN عربي

الفتوى رقم #30128

التاريخ: 06/02/2012
المفتي:

الخوف من المستقبل

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله 1-مشكلتي انني دائمة التفكير بالمستقبل وهذا يجعلني دائما خائفة علي نفسي وعلى أهلي كثيرا ويضيع لي أوقات كثيرة ويبعدني عن دراستي 2-هل يجوز ان يدعي الانسان ان يطيل الله بعمره وعمر اهله 3- انا طالبة بالجامعة واحاول جهدي ان لا أغش ولكن عدة مرات نقلت فقط مفتاح الحل فهل هذا محرم
الأخت الكريمة: بدايةً قلبُ المؤمن وعاءُ اليقين بأنَّ ما عند الله خيرٌ للأبرار، وأن النتائج مرهونةٌ بمقدماتها، لكنْ ما هي النتائجُ المعوَّلُ عليها لدى المؤمن سوى القبول عند المولى وبلوغ مقام الرضى فيما قضى. أقول: فما ينبغي أن يُسيطر على وعاءِ الفكر إنما هو أداءُ رسالةِ الحياة بأمانةٍ في محرابِ قولِه تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) على النية الخالصة لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ...) أخرجه البخاري ومسلم وقوله تعالى: (...ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ). إنَّ معرفةَ المستقبل لا شك أمرٌ مُرهق لذا لم يُلزِمْنا الشارعُ الحكيم به – لُطفاً منه ورحمة – بل وجَّهَنا إلى الطمع بفضله وطلب سِتره. هذا؛ ومن جانب آخر فعدمُ التدخل بمخبوء القدر من أدب العبودية لله الذي قال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). فالأصل في هذه الدار أن نعبد الله تعالى في كلِّ ما كلَّفَنا به من عملٍ مدَة الحياة التي كتب الله تعالى حَدَّها في علمه الأزلي. والواجب عقيدةً أن نحسن العمل ونبتغي به وجه الله عز وجل. ولا مانع من أن نرجوَه سبحانه قِطاف عاجل الثمر ولكن بالأدب والاستِرحام لا الجرأة والإِلْزام فإنَّ العبدَ هو العبدُ، والربَّ هو الربّ وَلا مجال لإجهاد العقل بالتفكير والمقدِّرُ اللهُ، والمعطي الله، والمريدُ الله، والميسِّر الله ولا معبودَ سواه وهو أرحم الراحمين قد وسعت رحمتُه كلَّ شيء. اصدقي في العمل وسلي اللهَ التوفيقَ، وافعلي الخير وسَلِي اللهَ الفلاح وتفاءَلي خيراً تجديه، فلقد كان سيدُ الخلائق صلى الله عليه وسلم يُحبُّ الفألَ الصالح ويجدُه وأحسِني فـ (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) و (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ). ثم اعلمي أنَّ الله أرحم بك منك بنفسك وأهلك، فلا تكترِثي واطمئِني بالاً. وعليه فكلما وسوس شيطانك توجَّهي إلى الله بالتعوذ ثلاثاً بقولك: ((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)) ((أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم)) ثم أشفعي ذلك التحصُّنَ بهذا الدعاء ((اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعلُ الحزن إذا شِئت سهلاً، رحمَتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أدنى من ذلك، وأصلح لنا شأننا كلَّه)). أما الدعاء بطول العمر فجائز، ولكن على مفهوم العقيدة السليمة والطمع بعطائه سبحانه أن يجعل في العمر بركة الأعمال سنواتِ العبد المعيَّنة أزلاً أضعافاً مضاعفة فيجعل سبحانه عملَ عمر على القبول مُقابل أعمارٍ كثيرة كبركة ليلة القدر لمن يُدْرِكها من أمة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قدرَ بِضع وثمانين سنة. وهذا يقتضينا أن نتَّقي الله حقَّ التقوى لنَسْعَد في الدنيا ببركة الأعمال كأعمار كثيرة، ونفلح يوم العرض على الله بالقبول وجماليَّة الاستقرار في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ثم احرصي على كلِّ عمل فيه موعود رسول الله صلى الله عليه وسلم ببركة العمر وطولِه من الصدقات وصلة الأرحام وبر الوالدين والإحسان إلى كُبَراء السِّنِّ وحُبِّ الصالحين وطلب العلم. مع الرجاء بالتوفيق والسداد. أما سؤالك عن الغش في الامتحان، فالغش بكل أنواعه غير مقبول شرعاً، وأمْرُ تَلَقِّي امتياز العمل بالجهد واتقان العمل هو أحلُّ الحلال. فأقول: زادك الله حرصاً ولا تعودي وسَلي الله الإقالة والعفو، (ويتوب الله على من تاب). وفقك الله تعالى وأنزل السكينة والطمأنينة على قلبك وأمدَّك بنور الفراسة وصفاء البصيرة.