مميز
EN عربي

السلاسل: تاريخ التشريع الإسلامي

التاريخ: 04/10/2010

المدرس: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI

22- الإمام أحمد بن حنبل, أشهر عمل خلفه وهو كتابه المسند

التصنيف: علم تاريخ التشريع

الدرس الثاني و العشرون: الإمام أحمد بن حنبل, أشهر عمل خلفه وهو كتابه المسند, هل كان الإمام أحمد فقيهاً بمقدار ما كان محدثاً؟ الصفات التي ظهرت في حياة الإمام أحمد: الحافظة القوية – الصبر الجميل والجلد – نزاهة النفس والعفة – الإخلاص


خلاصة درس تاريخ التشريع رقم /22/

مازلنا في حديثنا عن الإمام أحمد رضي الله عنه

الآن نتكلم عن أشهر عمل خلّفه الإمام أحمد من ورائه وهو المسند وهو حصيلة عمر طويل بدأ منذ كان عمره 10 سنوات في جمعه، فهو لم يجلس عليه بضع سنوات لا بل جمعه على مدى عمره كله، فهو جمع ونسق ودقق في الأحاديث حين كان يتلقاها من مشايخه وبعد أن أحس بالموت يداهمه والمرض يركبه وخاصة بعد المحنة جمع أهله وأخبرهم بعمله هذا ووكل الأمر إلى ابنه عبد الله بن أحمد رضي الله عنه ورتب الأحاديث بحسب أسماء الرواة من الصحابة.

ومن المعلوم أن الأحاديث الضعيفة لا ترفض دائماً فالأحاديث الضعيفة التي ترفض في مجال بناء الأحكام عليها هو ذاك الذي لا يوجد حديثاً آخر قوياً يدعمه, كذلك كثيراً ما يكون موضوع الحديث الضعيف متعلقاً بأمر داخل في فضائل الأعمال أي الطاعات التي توافرت أدلة كثيرة عليها كحديث ضعيف يبين لنا فضل الصلاة على رسول عليه الصلاة والسلام فقد روى من الأحاديث الصحيحة في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فوجود حديث ضعيف لا يؤثر, فنقول هذا الحديث تعلق لفضيلة من الفضائل الثابتة, وكذلك إن جاء حديثاً ضعيفاً يبين لنا فضائل الصدق ونوافل الصلاة وغير ذلك فكثيرة هي الأحاديث الصحيحة التي تدل عليها. فالإمام أحمد حين يجد أن الحديث الضعيف يتعلق بفضائل الأعمال وثبت عنها حديثاً صحيحاً فيذكره, إذا الحديث الضعيف يروى لكن بشروط:

1- ألا يكون متعلق بالأحكام والعقائد ( أي متعلق بالفضائل ) ويؤيدها القرآن والسنة، من صدق غيبة ....

2- ألا يكون شديد الضعف متناهياً ( بينه وبين الوضع شيء قليل ).

3- ألا يعتقد الراوي أو يوهم الناس أنه حديث صحيح.

إضافة إلى ذلك الإمام أحمد لا يروي حديثاً إلا بسنده والعلماء يقولون من أسند فقد أسلمك, أي جعلك أنت المسؤول وأبعد المسؤولية عنه, فهو لا يخدعك.

هل كان الإمام أحمد فقيهاً أم كان محدثاً..؟

هناك من العلماء من اعتبره محدثاً كالإمام الطبري وغيره وذلك لأسباب:

- لأن اهتمامه الشديد منذ أول شبابه كان برواية الحديث.

- اهتمامه بمسنده فهو لم يخرج كتاباً في الفقه كالإمام الشافعي وإنما ترك من ورائه مسنداً في الحديث.

- أنه كان عندما جلس للفتوى في عهد متأخر من حياته لم يكن يأذن للجالسين نقل الفتاوى عنه وقد ذكرنا سبب ذلك في الدرس السابق.

ولقد جلس الإمام أحمد إلى الإمام الشافعي في بغداد وفي مكة أيضاً وأخذ منها الكثير الكثير.

ومن صفات الإمام أحمد رضي الله عنه: الحافظة القوية التي متعه الله بها فمنذ أن كان بعمر 15 كان يجلس إلى شيوخه ولا يقوم من مجلسه إلا وقد وعى ما قد سمع.

الصفة الثانية: الصبر والجلد فقد صبر على الشدائد التي تحملها في حياته وصبره في رحلاته التي يكون فيها ماشياً على قدميه حاملاً أوقاراً من الكتب لا يكل ولا يضعف ثم صبره على المحنة التي ابتلي بها مدة طويلة وكان صبره جميلاً دون تأفف أو توجع وكان مصدر صبره الاحتساب عند الله ومحبته لله سبحانه فمن عرف الله أحبه ومن أحبه صبر على الشدائد.

المزية الثالثة: نزاهة النفس والعفة , كان فقيراً وبمقدار فقره كان متعففاً مترفعاً عن الطلب, بعد المحنة كانت الدولة ترعى شأنه وكان المتوكل يكرمه بالعطاءات الكثيرة ولكنه لا يقبلها, كان زاهداً ولا يدخل إلى جوفه إلا المال الحلال, دخل عليه رجل من أصحابه اسمه عمر بن صالح الطرسوسي وسأله عن السبيل إلى رقة القلب فأجابه: أكل المال الحلال, ذهب هذا السائل فرأى بشر الحافي وسأله ذات السؤال فأجابه بشر: ألا بذكر الله تطمئن القلوب, فقال: ولكني سألت أحمد بن حنبل فأجابني : بأن السبيل إلى ذلك أكل المال الحلال, فقال: نعم هذا هو الأصل, فإن أكثر المرء من الذكر وجوفه مليء بالمال الحرام لن يستفيد من كثرة الذكر أبداً.

المزية الرابعة: الإخلاص لله عزوجل وهو الذي صبره وهو الذي جعله يفطم فمه عن الحرام وإخلاصه طهر قلبه من الشحناء والحقد على من كان سبب محنته.

المزية الخامسة: أنه كان يتصف بالهيبة رغم تواضعه الجم فلم يكن متكبراً, لكن كان الجد يغلب على حياته فلم يكن يمزح حتى أن شيوخه كانوا يهابونه.

شيوخ الإمام أحمد: هم كثر يناهزون المئة فلم يترك مدينة إلا ورحل إليها ويأخذ من علمائها ولكن كان له شيخان يعتز بهما الأول له تأثير كبير على حياته كمحدّث واسمه هشيم بن بشير هذا من أجل أساتذته وهو الذي رسخ عنده حب خدمة ورواية الحديث ودرس عليه حوالي خمس سنوات.

شيخه الثاني الإمام الشافعي وهو من رسخ في كيانه حب الفقه وتعشق المنهج الذي كان يبصّر به الإمام الشافعي الناس وهو يروي الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

كان الإمام أحمد يعتز بهذين الشيخين له وتتلمذه عليهما, لكن بالإضافة إلى مئات المشايخ له, وكان له شيخان لم يرهما وكان يسمع مناقبهما ويحاول أن يتأسى بهما بدقة أحدهما سفيان الثوري والثاني عبد الله بن مبارك.

تحميل



تشغيل

صوتي
مشاهدة