مميز
EN عربي

السلاسل: القرآن والحياة

التاريخ: 11/06/1978

المدرس: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI

22- الحلقة الثانية والعشرون: عظماء رباهم الإسلام

التصنيف: علوم القرآن الكريم

الذين يخيل إليهم أنَّ شيئاً من المبالغة قد أضفي على الشخصيات الإسلامية التي بلغت درجةً تشبه الأسطورية لم يدرسوا فعلاً حياة هؤلاء الأشخاص، أبو بكر، عمر، عثمان، علي، طلحة، هنالك من سمع بأسمائهم، ولكنَّه لسببٍ ما لم يعكف على دراسة حياتهم، ونحن عندما نضرب أمثلةً نجد أنَّ البيان يتقاصر في كثيرٍ من الأحيان عن وضع هؤلاء الناس في المرتبة الحقيقية التي ارتقوا إليها.


أما عن العامل الذي جعل هؤلاء الناس يتحولون من واقعٍ إلى واقعٍ آخر، فلا مجال للريب في أنَّه سببٌ واحدٌ لا ثاني له، ألا وهو الإسلام، هؤلاء الناس كانوا يعيشون في أرضٍ بلقعٍ بعيدةٍ عن الحضارة، كانت الأميِّةُ هي السائدة، ثم إنَّهم تحولوا من هامش الحضارات إلى النقيض، فلا أجد أمامي إلا عاملاً واحداً، ألا وهو اعتناقهم لهذا الإسلام.


في بعض المجتمعات قد أجد مُصلِحِين، لكنَّهم نتاجُ مصنعٍ بذلَ جهداً كبيراً حتى أنتج العشرات من هؤلاء الناس، وهؤلاء المصلحين مهما ارتفعت درجاتهم فلسوف يبقى التألُّقُ في حياتهم آخذاً جانباً واحداً، ولكنك لن تجد التكامل في عظمة هؤلاء الناس أبدأً، لكن عندما تنظر إلى حياة هؤلاء العظماء الذين رباهم الإسلام، تجد ظاهرة التكامل في حياة هؤلاء الناس، عمرُ كان في جاهليته مثالَ القسوة والجهالةِ والتكبرِ، دخل الإسلام فتحوَّل إلى الإنسان الرَّقيق جداً، ما نقوله عن عمر نقوله عن أبي بكر.
يوم الرجيع وبئر معونة تجد صورتين اثنتين، صورة الخيانة في طائفةٍ من أجلاف العرب، حيث أرادوا أن يقتنصوا بعضاً من أهل المدينة، ويأخذوهم فيبيعوهم بأسواق مكة؛ لأنَّ أناساً بمكةَ قُتِل أقاربهم في بدر، وهم يريدون الثأر لهم، فاستدرجوهم حتى أخذوا زيدَ بن الدثنة والخبيب بن عدي وآخرين، سُجِن زيد بن الدثنة، وعَلِم أنَّه مقتولٌ فطلب شفرةً ليستحدَّ بها، وليتهيأ بها للموت، وليقلِّم بها أظافره، أعطي الشفرة، دلف إلى حِجره طفلٌ صغيرٌ، هو ابن بنت الحارث المقتول في غزوة بدر، فأجلسه في حجره والشفرة بيده، فزعت الأم وظنت أنَّ هذا الإنسان سيقتله، فقال: لا، لم أكن لأفعل ذلك إن شاء الله، وأخذ يلاطفه ملاطفة الأب لولده، هذا عربيُّ وذاك عربيُّ، ذلك بقي وراء أسوار الجاهلية فكانت الخيانة والكذب، وهذا ارتقى إلى صعيد الإسلام فودَّع ماضيه الجاهلي، وأشرق منه هذا الإنسان.



تحميل



تشغيل

صوتي