مميز
EN عربي

السلاسل: القرآن والحياة

التاريخ: 30/04/1978

المدرس: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI

16- الحلقة السادسة عشرة: الإسلام والفن

التصنيف: علوم القرآن الكريم

الفنُّ: كل ما يُراد أن يكون غذاءً للوجدان والعواطف، والعلم: كل ما يراد أن يكون غذاءً للوعي والعقل، والإنسانُ بحاجةٍ إلى أن يغذِّيَ وجدانه كما هو بحاجةٍ أن يغذِّيَ وعيه وعقله.


الوجدان ٌعبارةٌ عن ثلاثة أنواعٍ من العواطف، هي: العاطفة الدافعة: هي الحب، والعاطفة الرادعة: هي الخوف، والعاطفة الممجِّدة: هي التعظيم والانبهار بالشيء.


غذاء الوجدان أمرٌ فطريُّ، ونظراً إلى أنَّ الإسلام دين الفطرة، فإنَّ الإسلام _لا أقول يسمح_ بل يدعو الإنسان السوي إلى أن يغذي وجدانه الغذاء السليم، الذي يتساوق أخيراً مع غذاء العقل، فلا شكَّ أنَّ الفنَّ بهذا المعنى عملٌ مبرورٌ، يدخل في دائرة المباحات، ويرقى قسمٌ منه إلى دائرة المطلوبات على سبيل الندب، وربما على سبيل الوجوب، من باب ما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ.


 أمورٌ تسمَّى اليومَ فناً، ولكنَّ الشريعة تتخذ منها موقفاً سلبياً، هذه الأنواع التي نهى عنها الإسلام دخيلةٌ على الفن الحقيقي الذي يغذي الوجدان الإنساني تغذيةً سليمةً.


الفنون التشكيلية المختلفة ممَّا يغذي الوجدان؛ فالإنسان تواقٌّ إلى الجمال الذي تتعشَّقه العين، إلى أن يمتع أذنه بالأصوات الشجية، وبمقدار ما يتمتع الإنسان بالقيم الجمالية المرئية بمقدار ما يتنامى الوجدان لديه، ومن هنا فإنَّ الإسلام لا يمنع من ممارسة هذه الفنون بكلِّ أنواعها.


ولكنَّ الإسلام إذا وقف وقفةً سلبيةً في وجه بعض الفنون فلأن شائبةً خطيرةً قد تسرَّبت إليه تماماً، كما يقف الإسلام في وجه طعامٍ طيِّبٍ تتوق إليه النفس، ولكن سمَّاً ناقعاً قد تسرَّب إليه، ولنفرض أنَّ الإنسان اندفع بسائقِ حبِّه للمظاهر الجمالية إلى أن يجسد صورة فتاةٍ جميلةٍ، يستثير في النفس غريزةً تدفع إلى سلوكٍ جامحٍ يتنافى مع الفطرة الإنسانية، ويتنافى مع نظام العلاقات الجنسية التي أقامها الله عزَّ وجلَّ، فبناءً على قانون سُلَّم الأولويات يقول الشارع: تجاوز هذه القيمة الجمالية بسبب هذه الشائبة الخطيرة التي تسرَّبت إليها، وإنَّنا نجد أنَّ الأمم والحضارات التي كانت تركن إلى الزيف من هذه الفنون؛ كإقامة التماثيل الجمالية للأجسام، كانت حياتهم إباحيةً؛ كقدماء الرومان.
وكذلك الآلات الموسيقية، الإسلام لم يحرِّم الركون إليها بسبب ما فيها من شجوٍ وطربٍ، وإلا لحرم سماع صوت الإنسان أيضاً، بل حرمها لأنها كانت ولا تزال مرتبطةً مع الخمر والشوائب الأخرى.



تحميل



تشغيل

صوتي