مميز
EN عربي

السلاسل: محاضرات متفرقة في مناسبات مختلفة

التاريخ: 16/01/2014

المدرس: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI

السنن الإلهية

التصنيف: فقه عام

محاضرة بعنوان السنن الإلهية

للعلامة الشهيد البوطي















أخذُه عبادَه بمزيج من الخير والشر
الآيات القرآنية المعبِّرة عن هذه السنّة:
(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ):
قضى الله تعالى أن يجعل حياة الإنسان تتقلب ما بين خير وشرٍّ يبتليه الله بهما ليرى هل سيمارس عبوديته لله من خلال هذا الخير أو الشر الذي يتقلب به.
فكلاهما امتحان لصدق الإنسان في عبوديته لله ووضعِها موضع التنفيذ.
(وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) [الأعراف: 94]
ما كان ليمُرَّ عهد من العهود التي أرسل الله فيها نبياً من أنبيائه إلى قرية من القرى إلا وأخضع أهلها لهذه السنّة التي تتألف من شقّين:
أن يأخذهم بالشدائد التي تصيب الجسد (البأساء) والشدائد التي تحيط بالإنسان كالقحط والحروب (الضراء).
ومعنى أخذْنا أي حقَّقْنا أسباب نزول البلاء فيهم تحقيقَ مَن يملك أمرهم مِن اوله إلى آخره ملكية تامة، لعلهم ينتبهون إلى واقع عبوديتهم لله تعالى ويلتجؤون إليه لرفع البأساء والضراء.
واالله تعالى لا يُنقِص ملكَه شيءٌ أن يكون عبادُه جميعاً في أبراج عاجية من الفرح والسرور لكنه تعالى اسمه (ربٌّ) أي المربي فهو يربي عبده ليعيش مع واقعِ عبوديته لله تعالى.
( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) [الأنعام: 44] وهذا هو الشق الثاني من هذه السنّة الإلهية.
فعندما يعلم الإنسان هذه السنة الإلهية بشقّيها فإنه لا يحار في الجمع بين حبِّ الله تعالى لعباده وبين ابتلائه لهم بالكوارث والمصائب.
ولن يستشكل أن يجد أمماً تتقلّب في أنواع النعيم رغم إعراضها عن أوامر الله تعالى، لأنه يعلم أنها في مرحلة الاستدراج.
تطبيق هذه السنّة على حياتنا:
الكثرة الكاثرة من المسلمين (وهي محطّ الخطر في حياتهم) تأتيهم النعم فيسكَرون بها ويجعلون من بيوتهم بيوتاً تستنزل غضب الله عز وجل.
يتمثّل هذا في سوء تربيتهم لأولادهم، وفي غفلتهم عن الله في سهراتهم، وفي الـمُلهيات والـمُنسيات التي يعكفون عليها، وفي الاختلاط الشائن في بيوتهم.
أما الشدائد التي يرونها تحيط بهم فإنهم يربطونها بأسباب سطحية ولا يغوصون إلى جذورها، وينسون قول الله تعالى (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) [الفتح: 4]، فهذه العوامل جنود لله تعالى والله تعالى يسخر جنوده لإنفاذ ما يشاء لحكمة معينة، والعاقل يغوص ليعلم الحكمة التي تكمن وراء هذه الأسباب.

تحميل



تشغيل

صوتي