مميز
EN عربي

السلاسل: محاضرات متفرقة في مناسبات مختلفة

التاريخ: 24/04/2011

المدرس: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI

الدرس الثالث لفضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي عن الأحداث التي تمر بها سورية

التصنيف: فقه عام

الدرس الثالث لفضيلة الدكتور


محمد سعيد رمضان البوطي

عن الأحداث التي تمر بها سوريا

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم أيها السادة والسيدات إلى هذه الحلقة الخاصة في سلسلة دراساتنا القرآنية.

أحب أن أقول لكم أولاً لن أصانع في حديثي هذا أحداً أن شاء الله تعالى، ما فعلت ذلك في شبابي، يوم كانت تعيش الطموحات مهتاجة بين جوانحي، ما صانعت أي جهة من الرؤساء أو المرؤوسين، فكيف أجنح اليوم إلى مصانعة أي جهة من الناس وقد دنا رحيلي من هذه الحياة الدنيا؟ وأصبح ميقات وقوفي بين يدي الله عز وجل وشيكاً، لن أصانع أحداً، وإنما أتوجه في حديثي هذا إليكم مبتغياً رضا واحد لا ثاني له، هو الله الذي أؤمن به والذي جعلت حياتي كلها وقفاً لمرضاته.

الشيء الثاني الذي أريد أن أقوله لكم بعد هذه المقدمة: لا أعلم أيها السادة والسيدات جريمة أخطر وأشنع في المجتمعات الإنسانية من قتل نفس بغير حق، وأنا أستعمل التعبير القرآني، لا أعلم جريمة بعد الكفر بالله عز وجل أخطر من قتل نفس بغير حق، بل لعل الجريمتين متساويتان، ذلك لأن الكفر إهدار لحق الله أما قتل النفس بغير حق فهو إهدار لحق الله ولحق الإنسان معاً.

الشيء الثالث الذي أريد أن أقوله: عندما تقع هذه الجريمة ويقع الإنسان البريء صريع قتل بدون حق، الحالة التي يكون فيها هذا الإنسان: إحدى حالتين: الحالة الأولى أن يكون المجتمع آمناً مطمئناً، الحركات فيه واضحة والتصرفات والأنشطة جليّة، وعندئذٍ يستبين القاتل ويتبين السبب الذي من أجله قَتل، ويستبين المقتول ويستبين السبب الذي من أجله قُتل، الحل في هذه الحالة سهل، شرع الله عز وجل بل شرعت الإنسانية المتحضرة قديماً وحديثاً علاج ذلك، علاج ذلك يتمثل كما تعلمون في القصاص، الذي أعلن عنه بيان الله سبحانه وتعالى، القصاص في هذه الحالة يشكل سياجاً للحياة الفردية والاجتماعية، القصاص يشكل حارساً أميناً لاستمرار الحياة في جسوم أصحابها آمنة مطمئنة، ولقد عبر البيان الإلهي عن هذا بعبارة بليغة سجد لها فصحاء العرب، وهي قول الله عز وجل:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، هذه هي الحالة الأولى، الحالة الثانية التي قد نجد الإنسان فيها قد وقع صريع قتل بدون حق، هي الحالة التي تتداخل فيها الأنشطة التي يتم فيها التربص والقتال بشكل عشوائي وبشكل غوغائي، بحيث لا يستبين القاتل، وبحيث لا يستبين السبب الذي من أجله وقع هذا الإنسان البريء صريعاً مقتولاً، لا يستبين ذلك، الأمر هنا خطير جداً لماذا؟ لأن علاج القصاص يغيب في هذه الحالة، كما تعلمون ما الذي يظهر بدلاً عن القصاص؟ الذي يحل محل القصاص الرعونة النفسية، والهياج النفسي اللذان يعصفان بكيان أولياء المقتول كما تعلمون، هذه الرعونة النفسية التي تهتاج بين جوانح اولياء المقتول تقودهم إلى ما يسمى بالثأر المعروف قديماً والمعروف حديثاً في مثل هذه الحالة الثانية.

ما الفرق بين القصاص الذي شرعه الله وشرعته القوانين الحضارية وبين الثأر؟

الثأر: هو توجه أولياء المقتول إلى الجهة التي انبثقت منها عملية القتل وانطلقت منها رصاصة القتل ومن ثم يتوجه أولياء المقتول إلى هذه الجهة من أجل إشفاء الغليل إذا استطاعوا أن يقتلوا منهم الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة فعلوا وإن لم يستطيعوا حاولوا أن ينفذوا ما يشفي غليلهم جهد الاستطاعة.

لكن الذي يحصل في هذه الحالة أن عملية الثأر هذه سرعان ما تعم وتتسع دائرتها، تماماً كنتيجة إلقاء حجر في بركة ماء كبيرة واسعة، دائرة صغيرة تبدأ من جراء حجر رمي في هذه البركة وسرعان ما تنبثق منها دائرة أوسع ثم دائرة أوسع، ونتيجة ذلك أن المنتصر لقريبه الذي قُتل يقع هو نفسه في رحى هذا الذي فعل، هذه العاصفة التي تتحقق من وراء عمليات الثأر لا تقف عند قاتل دون مقتول ولا عند مجرم دون من دارت عليه رحى الجريمة بل هذه العاصفة تجتاح الكل، هذه حقيقة، ومن ثم فإن هذه الحالة الثانية حالة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقينا وأن يقي المجتمعات الإنسانية كلها منها .. وقد مني العصر الجاهلي بهذه المصيبة الكبرى فما جفت الدماء خلال أكثر من قرن ونيف بين القبائل قط، وما عُرِف أن قاتلاً أنتصر أكثر من انتصار أولياء المقتول، وما عُرِف العكس أيضاً بل دارت رحى الموت والدمار عليهم جميعا وبمستوى واحد، هذه حقيقة ينبغي أن نتبينها جيداً.

نتيجة الثأر

اللجوء إلى الثأر ينقلنا:

من مصيبة فادحة إلى مصيبة أخطر منها.

من مصيبة محدودة النطاق إلى مصيبة غير محدودة.

من مصيبة يمكن أن نستوعبها إلى مصيبة لا يمكن لنا أن نستوعبها أو نحجمها بشكل من الأشكال.

ما هو العلاج عندما تكون الحالة الراهنة التي تفرض نفسها هي هذه الحالة الثانية (حالة الثأر)؟

قبل أن نقدم العلاج ينبغي أن نفترض أن الناس عندما يتلاقون في مسيرات، احتكاكات أو في لقاءات مختلفة مما يجري الآن أن فيهم هنالك من لا يتورعون عن مخالفة التعليمات الصادرة من الجهات التي ترعى أمن المواطنين وترعى سلامتهم.

· أنه لا يبعد أن يكون هنالك مدسوسون من الخارج، ولا أظن أن عاقلاً يغلق عقله عن هذا الشيء. كانت المسيرات ولا تزال نوافذ لمن يريدون أن يستغلوها لمصالحهم سواء قلوا أم كثروا هذه حقيقة ينبغي أن نعلمها.

· أن هنالك مخترقين للتعليمات من أجهزة الدولة (من أجهزة الأمن)، وأنا لا أكذب من يؤكد وقوع ذلك.

· أن هنالك أناساً يخترقون التعليمات من الأهالي من أفرد الشعب.

عندما نريد أن نتلمس علاج القتل الذي يستحر بالناس في الحالة الثانية التي لا يمكن فيها ملاحقة القاتل بالقصاص وينبغي أن نفترض هذه الحالات التي ذكرتها لكم، وهي ممكنة وواقعة. فإن العلاج هو التالي: لا علاج، فيما يقرره عقل العاقل أياً كان إلا باتخاذ الخطوتين التاليتين:

- الخطوة الأولى: أن تتوقف هذه المسيرات والتجمعات، لا سيما أن الداعين إليها والأمرين بها في الخارج أناس يعيشون آمنين مطمئنين يتقلبون في رغد من العيش مهما رؤوا أو سمعوا بالفتن التي تطحن الناس، بالعواصف التي تهب من غرب وشرق في مجتمعاتنا، فإن القوم يسرحون ويمرحون ويلهون وهم يتفرجون إلى ما يرون وإلى ما يسمعون، ولا شك أن هذه الجماعات التي ترسم أعمالها في الخارج وتراقبنا في حالة من التسلية ونحن نعاني مما تعلمون، هذه الجماعات أن نجحت في الخطط التي تستخدمها وفي الشعارات التي ترسلها لنا وتأمرنا أن نستخدمها فسيكونون هم الفائزين بالمغانم و لسوف نجتر نحن المغارم ولسوف نعاني من مجتمع تحول إلى أطلال حتى لو جاء من يخوض هذه الأطلال إلى الإصلاح لا يمكن أن يتم ما يسمى بالإصلاح إلا بعد أن يسير هؤلاء الناس وسط برك من الدم، إلا بعد أن ينظروا يميناً وشمالاً وإذا بسوريا بلدنا هذه قد تحولت لأول مرة في تاريخها إلى أطلال، وإن الذين سيستفيدون؟ أولئك ولا تظنوا أننا نحن الذين سنستفيد.

أظن أن فيكم من يشك أو يستنكر هذا الكلام الذي أقوله ويقول لعل الذين يقولون ويخططون في الخارج من أبناء جلدتنا ويغارون على مصالحنا لماذا تتصور وتتشاءم؟ أيها السادة والسيدات دعوني أسأل نفسي وأسألكم:

هل في الدنيا من يتصور أو يستبعد عقل عاقل أن حالة كالتي نمر بها الأن وخطط تتجه إلينا من الخارج الآن .. أن اسرائيل والصهيونية العالمية ليست لها أصابع في هذا الذي يجري؟

والله لأن كان فينا من يتصور ذلك فهو من السذاجة والبلاهة بمكان.

ومن حق أي واحد أن يقول ما دليلك على هذا الشيء؟

معي هذه الوثيقة "تقرير المنظمة الصهيونية العالمية كما نشر في مجلتها كيفونيم" وهذا مقال كبير وسأقرأ محل الشاهد، يقول التقرير:

إن البنية الطائفية لسوريا ستساعدنا على تفكيكها، يمكن إلى دولة شيعية على طول الساحل الغربي، ودولة سنية في منطقة حلب وأخرى في دمشق، وكيان درزي سيقاتل بدعمنا لتشكيل دولة انفصالية بالجولان من حوران وشمال المملكة الأردنية، ودولة كهذه من شأنها أن تكون على المدى البعيد قوة لنا، وتحقيق هذا الهدف هو في متناول أيدينا الآن، والعراق الغني بنفطه والفريسة للصراعات الداخلية كان ولا يزال في مرمى التسديد الإسرائيلي، وانهياره الذي تم سيكون بالنسبة إلينا أهم من انهيار سوريا لأن العراق كان يمثل أقوى تهديد لإسرائيل في المدى المنظور.

ولهذا السبب أنا معذور ومنطقي عندما أقول أن الخطة التي توفد إلينا من الخارج لا يمكن أن تكون بمعزل عن أيدي الأعداء المشتركين لنا، نعم أن من يرسم هذه الخطة قد يكونون من أبناء جلدتنا، هذا صحيح، وربما كانوا يتمتعون بشيء من المشاعر الوطنية وما إلى ذلك لكن الرعونة تنسيهم هذه الحقيقة التي أقولها لكم، صاحب الحاجة أرعن لا يهمه إلا قضائها، وبالأمس سمعنا من يقول: أنا مستعد أن أمد يدي إلى الشيطان في سبيل أن أحقق الخطة التي أرسمها، أكيد الشيطان لن يكون عوناً لمصالحنا أبداً، أكيد الشيطان سيفعل كل ما يستطيع للقضاء على وجودنا الحضاريووجودنا الديني ووجودنا الدنيوي، أعود فأقول ما العلاج في هذه الحالة؟ العلاج:

أن نجلس في بيوتنا وأن نعود إلى شؤننا ومعايشنا العادية، فلا نستجيب لمن يقول لنا اخرجوا يوم الجمعة إلى كذا وأعلنوا كذا وارفعوا الشعار الفلاني كذا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الجهاد تحت راية عمية (يعني تحت راية لا تعلم من يحملها ولا من يقودك فيها) والنبي عليه الصلاة والسلام ينهانا أن نحتك بعضنا مع البعض في أوضاع تنبثق منها فتنة، في حالة لا يستطيع أحد أن يستوعب المصيبة ويقضي عليها، ألم يقل في خطبة حجة الوداع، قالها في أول الخطاب وقالها في أخر الخطاب: ((ألا لا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض)) ولم يقل كفاراً النبي يعني ما يقول ويقصد وأنتم مسلمون وأنتم مؤمنون بالله تعالى.

"تطأطأ لها تخطئك" هذه القاعدة العربية الصحيحة هي عصارة عقول تاريخية، وأنا أقول لهؤلاء الأخوة الذين يقولون خرجنا يا أخي فقتل منا فلان وفلان بدون حق.

يا أخي لماذا خرجت؟

سألت بعض هؤلاء الشباب الطيبين ما الهدف الذي من أجله خرجت؟ قال لي: سمعنا دعوة إلى الخروج.

من هو الذي دعاك إلى الخروج؟ الفيسبوك والمواقع...

ماهي غايتك؟ أليس الإصلاح؟ ليس هذا هو السبيل، إذن هناك كم كبير لا يعلم لماذا خرجوا إلا لأن دعوة وُجهت إليهم، طيّب خرجت وحصل ما حصل وأن لا أُبرئ أحد ولا أجرّم أحد، أسمعوا ما أقول: أبداً لا أبرء أحداً وبنفس الوقت لا أجرم أحداً المسألة غائمة، فتنة.

هذه هي الخطوة الأولى في الإصلاح أيها السادة والسيدات، ليست هذه كل الخطة ولا يقولون قائل إذا جلسنا في بيوتنا تبقى كرامتنا مهدرة والفساد مستشرياً. لا هذه الخطوة الأولى في الإصلاح.

- الخطوة الثانية: متابعة الإصلاحات التي تم الإعلان عنها بالطريقة الحضارية، بالطريقة الضامنة للنتائج.

أنا لدي اقتراح أيها السادة والسيدات أرجو إذا رأيتموه منطقياً أن توافقوني عليه.

تُشكل لجنة متابعة شعبية على أن تكون لها جذور مؤسساتية، تكون هذه اللجنة ذات صلة قوية بالشعب على اختلاف فئاته ومجتمعاته وعلى صلة بقمَّة المسؤولية، لجنة المتابعة هذه سيعبّد أمامها الطريق، وينبغي أن يعبد أمامها الطريق للمتابعة .. لطرق أبواب الجهات المعنية كي توضع هذه الإصلاحات التي أُعلن مراسيم بشأنها إلى واقع معاش وإلى التطبيق، هذا ما يجب أن نفعله في الخطوة الثانية.

جلسنا في بيوتنا ولم نعرض أنفسنا لدمار ولا لهلاك وفوتنا الفرصة على المتسللين والغوغائيان، حتى إذا هدأت الفتنة وجاء وقت الخطوة الثانية التي هي تشكيل لجنة متابعة وما أيسر أن تشكل وليس هنالك أي عائق أمام تشكيلها، هذه اللجنة مُكلفةٌ باسم الشعب كله أن تتابع وأن تسعى وأن تطرق الأبواب المعنية لوضع هذه الإصلاحات موضع التنفيذ، أكيد فينا متشائمون يقولون:

جربنا 11 سنة ما صلُحت هذه الأمور ولن تصلح لجنة المتابعة شيئاً، لن يتأتى منها شيء

هذا الكلام يقال ولعله يطرق أسماعنا جميعاً، أنا أحترم هذا الرأي لكن:

لكي يتبين لنا جميعاً أن المتشائم على حق أو على غير حق نجرب، نشكل لجنة المتابعة بهذا الشكل الذي ذكرته لكم وتكلف هذه اللجنة باسم الشعب أن تتصل بالجهات المعنية لتحويل هذه المراسيم إلى عمل وإلى تطبيق على الأرض، أن رأينا أن الطريق معبد أمامها وتسير هذه اللجنة في طريق التطبيق وننظر فنجد أن هذه الإصلاحات هبطت من المستوى النظري إلى المستوى العملي الواقعي فذاك مانطلب، أليس كذلك، وإن رأينا أن هناك عوائق وإن رأينا أن هناك صداً ورداً فإن لكل حادث حديث، عندما نجد أن هذا الطريق الديني الآمن الحضاري قد أغلق أمامنا هنالك طرق أخرى، لكن ينبغي أن نرجئ ذلك إلى أن نجد مصداق ما يقوله إخواننا الذين يتشاءمون إذ لكل حادث حديث، هذا الكلام ينبغي أن يكون واضحاً في أذهاننا جميعاً أيها السادة والسيدات.

هنا أنتقل إلى نقطة أخرى، أحب هنا أن أتقيد بالعبارات التي كتبتها حتى أكون مسؤولاً عما أقول وحتى لا يشت الفكر فيدعوني إلى كلمة زائدة وكلمة ناقصة.

أيها السادة والسيدات أننا لسنا متعلقين في تعاملنا مع قادتنا بالهويات ولون التبعيات، بل بالسلوك ومدى الإخلاص لمبادئ الأمة وقيمها وأخلاقياتها، أننا جميعاً نقف من وراء من يخلص في حماية القيم والمبادئ الدينية ويرعى حقوق الأمة ويسمو بها إلى الأخلاق الفاضلة أياً كانت تبعيته وإلى أي الفرق الإسلامية كانت نسبته، ولكننا جميعاً ننبذ من يستهين بقيمينا ومبادئنا ومعتقداتنا أو يعمل على التنكر لها أو الاستبدال بها ولو كان من أحفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إذاً، لا يسيلنّ لعابُ كائد أو ماكر يتسلل إلينا من وراء البحار أو من غبش الظلام على طائفية يحلم باستثارتها أو قدح زناد فِتنةٍ من خلالها، أننا إذ نبايع أنما نبايع القيم والمبادئ والأخلاق الكامنة في صدور الرجال ولا نبايع صورهم أو شرائح المذاهب والفرق، هذه الحقيقة يجب أن تكون ماثلة في أذهاننا، وعهدي بسوريا بلد الوعي، عهدي بها وبرجالها أن هذه الحقيقة ماثلة في أذهانهم ونحن مع من يرعى القيم، نحن مع من يرعى المبادئ، نحن مع من يسهر على حقوق الإنسان في هذه البلدة ولا نلتفت بعد ذلك إلى هوية أو تبعيةفرقةٍ من الفرق الإسلامية وغيرها أو نحو ذلك.

الشيء قبل الأخير الذي أريد أن أقوله لنفسي ولكم، يا ناس يا إخواننا يوم الجمعة كان ولايزال إلى عهد قريب يوم أنس، يوم فرحة الأسرة ببعضها البعض، يوم راحة سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة اليوم الأزهر وليلة الجمعة سماها الليلة الزهراء، هو القائل: ((أكثروا من الصلاة علي في اليوم والليلة الزهراوين))، هذا هو يوم الجمعة فيما نسجه لنا ديننا في أذهاننا وهكذا كانت حياتنا مع يوم الجمعة وهكذا كنا نستقبل يوم الجمعة.

ما الذي حصل؟ يا ناس ما الذي حصل حتى يصبح يوم الجمعة يوم رعب، يوم خوف، ألا تلاحظون، ما موقفنا من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هناك ناس يا جماعة كانوا أقل المراتب يصلون صلاة الجمعة هل تعلمون أن قسماً كبيراً منهم لم يعودوا يصلون لأن الرعب يجعلهم لا يخرجون، يسمعون دعوة عارمة تدعو إلى إعلان يوم الجمعة يوم الغضب، كثيرون الذين كانوا يصلون انقطعوا عن الصلاة، تحول يوم الجمعة يوم الأنس، يوم البركة، يوم الخير ويوم سعادة الأسرة بعضها إلى بعض تحول إلى رعب، تحول إلى وحشة، تحول إلى تصور لدماء ستسيل، من الذي يرضى بهذا؟

الشيء الأخير الذي أقوله لكم أيها الأخوة، أكيد كلنا نؤمن بالله، أنا لا أتحدث عن المعصومين عن الذنوب والله لا يوجد واحد منا معصوماً من الذنوب كلنا خطاؤون، لكننا جميعاً مؤمنين بالله عز وجل.

يوجد سلاح واحدمهم جداً ينبغي أن نلتفت إليه ولا نستهين به، ما هو؟ هو سلاح الاستيقاظ في الأسحار قبيل الفجر بساعة أو ثلاثة أرباع الساعة إذا لم تستطيعوا، ليسبغ كل واحد منا الوضوء وليقف في غرفته وليس أمامه إلا مولاه يعلم أنه يراه ويسمع نجواه، ويرى خواطره التي تجييش بين جوانحه، ليصل ركعات في جوف الليل وإذا سجد فليناج الله ويدعو الله في تضرع وليجعل بكاءه ترجمان دعاءه وليجعل من دموعه ترجمان تضرعه إلى الله عز وجل وليدع الله باللغة التي يشاءها، يا رب أنقذ شامنا هذه مما يراد لها، يا رب رد عنها كيد الكائدين، يا رب رد عنها مكر الماكرين، يا رب رد عنها الفتن وأسبابها بما شئت وكيف شئت، يا رب اهد عبادك التائهين قادةً وشعباً في هذه البلدة، يا رب أوزعهم أن يجددوا البيعة معك، يا رب نحن نعلم أن هذه الفتنة جاءت وأنت مسبب الأسباب، لأسباب نحن تعرضنا لها فيا رب ارفع الآن غضبك ومقتك عنا، يا رب لا تآخذنا بما فعل السفهاء منا، بالأسلوب الذي تعلمون، بالطريقة التي تحبون باللغة العامية ربي يقبلها كلها لكن يكون في صدق وتكون نابعة من الضمير، أنا الآن ألتزم بهذا وأريد منكم جميعاً رجال ونساءً حتى التائه عن الله، كلنا معرضون للذنوب والآثام، نتوب إلى الله من كل ما قد زلت فيه أقدامنا ومن كل ما قد تغلبت به علينا نفوسنا، نتوب إلى الله عز وجل ثم نطرق بابه، نقول: يا رب ها قد تبنا فتب علينا، يا رب ارفع غضبك ومقتك عنا، ياذا الجلال والإكرام اجمع كلمة المسلمين، يا رب أعد الوئام إلى شامنا، أعد الأنس إلى شامنا، أعد الحب المتبادل إلى شامنا، يا رب.

ندعو بهذا الدعاء، هذه وصيتي لي ولكم واعلموا أن هذا السلاح إذا استعمل والله الذي لا إله إلا هو لسوف تجدون خوارق التأييد وخوارق الاستجابة، المصائب ستنطوي وتنمحي، الفتن ستزول، حقوق الأمة في المجتمع ستزدهر أنشاء الله بقدرة قادر كبير مع الوصية والعلاج الذي ذكرته.

الخطوة الأولى: نجلس في بيوتنا، لانعرض أنفسنا إلى المصائب ونقول لماذا جاءتنا رصاصة من هنا ورصاصة من هناك، يا أخي اجلس في بيتك وانظر لن يصيبك أحد بشيء.

الخطوة الثانية: لجنة متابعة شعبية لها جذور مؤسساتية، لها علاقة بفئات الشعب بمختلف مستوياته ولها علاقة بالقمة تتابع هذه اللجنة ونحن نراقب، عندما نجد أن الطريق معبد نحمد الله وإذا وجدنا أن الطريق غير معبد فلكل حادث حديث لكن نضع ذلك الآن في الرف ونستخدمه عندما نجد تشاؤم المتشائمين في مكانه.

والأهم من ذلك كله: الالتجاء إلى الله، فهل تستجيبون لرجائي بل هو ليس رجائي يا إخوانا والله هو أمر الله، اسمعوا:{وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ {42} فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فهل أنتم ستكونون ممن استجابوا إلى الله فتضرعوا لاسيما في الأسحار أم ستكونون ممن قست قلوبهم وقالوا : لا، لا شأن لنا بهذا، ما أظن إلا أن شامنا هذه تحتضن أصحاب الفئة الأولى تحتضن المؤمنين، تحتضن التائبين، تحتضن اللاجئين إلى الله عز وجل.

كلامي هذا موجه إلى هذه الأمة جمعاء قادتها وشعبها بكل فئاتها وأنا آمر نفسي قبل أن آمر كل الناس أن أتوب إلى الله، اللهم أني تائب إليك فاقبل توبتي، كل منا يلتجئ إلى الله وأنا الضامن، أنا الضامن، أنا الضامن بأن هذه البلدة ستكون مكلوءة بعناية الله ولسوف تجدون حقوقكم محفوظة ولسوف تجدون كل ما تصبون إليه من الإصلاحات محققة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



تشغيل

صوتي
مشاهدة