الدكتور محمد توفيق رمضان
الخطيب:
التاريخ: 05/09/2014
خطبة الدكتور توفيق: فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا
فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ
د. محمد توفيق رمضان البوطي
أما بعد فيا أيها المسلمون يقول الله جلَّ شأنه في كتابه الكريم: ) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ( وقال جلَّ شأنه: )حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ( وقال سبحانه: )حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (وقال سبحانه: ) فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ( وقال سبحانه: )أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ( روى الترمذي والحاكم في المستدرك عن ابن عباس t قال كنت خلف النبي r يوماً فقال:
"يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف "
وروى مسلم عن النبي r حديثاً قدسياً قال في مطلعه عن ربه سبحانه وتعالى:
" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم .... وفي نهاية الحديث قال: " يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه "
أيها المسلمون: لعل البعض يرى أن الشدة قد أحكمت حلقاتها وأن الأزمة قد بلغت درجة شديدة في تطويقها لبلادنا وأمتنا، وأن الأمر قد بدأ يلقي بظلال اليأس على بعض القلوب، مع أننا في الوقت ذاته نرى نوافذ الفرج تبعث بنسماتها إلى قلوب تثق بالله وتطمئن لوعده. هناك أمرٌ هو من مسلمات عقيدتنا ومن مقتضيات إيماننا يجب أن نستذكره مع شدة وطأة المحنة التي تعيشها أمتنا، وبصورة خاصة ما تعاني منه بلادنا إذ تكالبت قوة الشر وتواطأت وجاءت بجموعها تارة باسم الإسلام وأخرى باسم الكفر، وكلها تعود إلى أصل واحد: صناعة إسرائيلية أمريكة تتربص بهذه البلاد شرا ولكنها لا تفتأ تحاول أن تجعل من الإسلام رداءا لتشويه الإسلام بذلك، وتجعل من شكلها القبيح نموذجاً مزيفاً لإسلام صنعته أمريكا والدوائر التي تنتسب إليها وتعمل في مصالحها، ولنتأمل أدنى تأمل لندرك بكل بساطة إذا أمعنّا النظر أن كل ما يجري في ما يبدو للناظر هو أمر بيت بليل من قبل الدوائر الغربية، فهي حلقات بدأت بما كنا نستذكر وكنا نحذر من نتائجه وتداعياته، ونصل إلى النتائج التي نراها بأم أعيننا اليوم، فتلك الحلقات في حقيقتها إنما كانت تسير لتصل إلى هذه النتيجة، ولكني أعتقد أن كثيراً من الاحباطات قد أصابت من رسم تلك الخطط لأنه اصطدم مع واقع لم ترسمه أيدينا وإنما رسمته العناية الإلهية ببلادنا، لا أريد أن أسترسل في الشرح؛ ولكن ينبغي أن نعود إلى ما يجري على الساحات بنتائج تزيد في يقيننا أو تقذفنا إلى الطرف الآخر إلى طرف اليأس إلى طرف الهزيمة إلى طرف الفشل الذي يُراد لنا أن نصل إليه، المؤمنون بالله والذي فوضوا الأمر إليه لا بكلمة ميتة على شفاههم وإنما بالتجاء صادق إليه وبتوبة صادقة فيها عزيمة وإصرار على أن نعود إلى نهج طاعة الله بعد أن شردوا عن طريقه ردحاً من الوقت، هؤلاء لن يجد اليأس إلى قلوبهم سبيلا، هؤلاء ستبقى عزيمتهم قوية وتبقى ثقتهم بالله عزَّ وجلَّ ماضية، وسيثبتون على النهج مهما كلفهم ذلك من تضحيات وسيصبرون على لأواء هذه الطريق مهما بلغت الآلام.
إننا نرى بأم أعيننا أن ما يجري على الساحة في بلادنا لو أنه تعرضت له دول عظمى لسقطت في أشهر قليلة، لكن العناية الإلهية جعلت من هذه البلاد صخرة تواجه تلك التحديات كما يواجه جبل قاسيون عواصف الرياح لترتد عنه ويبقى قاسيون صامداً ساخراً من كل تلك التحديات التي يتعرض لها، إذاً فالمسألة مسألة عقيدة. ولنعد إلى ما يجري على الساحة بما يصحح تصوراتنا وبما ينسجم مع إيماننا ومع ثقتنا بالله جلَّ شأنه أنه هو الفاعل وليس أمريكا، والمدبر هو الله وليست قوى الأرض أياً كانت فلتكن، ومن تمسك بحبل الله أيده الله بنصره مهما كانت المصاعب ومهما كانت المخاطر، وهذا أمر رأينا مظاهر له بقي أن نثبت وبقي أن نصبر وأن نعلم أن طريق النصر يبدأ من العودة إلى الله. المصرّون على استثمار هذه الأزمة لتوظيفها ضد الإسلام سواء كانوا من أبناء الداخل أو من أبناء الخارج هم كلٌ يظهر في شكلين، بل هم الأزمة في حقيقتها. على أننا نقول: إن الإسلام الذي أنزله الله U هو الحصن الذي يحمي هذه الأمة، وإن مخالفة أمر الله عزَّ وجلَّ هو السبب في مصيبة هذه الأمة، أما عن مصاعب الطريق وآلامه وما يمكن أن نلقاه من شدائد فيه، فقد أشار إليها ربنا تبارك وتعالى وبين أن الأسى والألم هو من طبيعة هذه الطريق ألم يقل الله جلَّ شأنه: )أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ( واليوم تجأر الأكف الواثقة بالله المترقبة لتأييد الله ونصره كلها، إذا كانت لا تزال على الطريق والنهج، كلها تقول: متى نصر الله .....
لقراءة تتمة الخطبة من خلال الملف أدناه
تشغيل
صوتي