الدكتور محمد توفيق رمضان
الخطيب:
التاريخ: 27/06/2014
خطبة الدكتور توفيق البوطي: يريد الله بكم اليسر
يريد الله بكم اليسر
د. محمد توفيق رمضان البوطي
أما بعد: فيا أيها المسلمون يقول الله جلَّ شأنه في كتابه الكريم: )شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( ويقول جلَّ شأنه:)فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ( ويقول سبحانه: )وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ( ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري:"يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا " ويقول: " إن الدين يسر ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه"
أيها المسلمون: ها هو ذا شهر رمضان قد أطل علينا، وما هو إلا يوم أو يومان ونكون ضيوفاً على مائدته، نحل على كرم الله عزَّ وجل وعطائه وإحسانه في هذا الشهر المبارك، الذي يمر بنا كل سنة مرة يطوف بنا تسعة وعشرين يوماً أو ثلاثين، تمر مروراً سريعاً كما يمر العمر سريعاً، لاحظوا في الآية التي تلوتها كيف أن الله عزَّ وجل ربط بين بين أمور فجعلها مبادئ راسخة يدعو من خلالها إلى أمور ما ينبغي أن تغيب عن أذهاننا، نحن اليوم بأمس الحاجة إليها، شهر رمضان هذا الشهر الوحيد الذي ورد ذكره في كتاب الله، والليلة الوحيدة التي ورد ذكرها بعينها في كتاب الله، والليلة الوحيدة التي ورد ذكرها بعينها في كتاب الله هي ليلة من هذا الشهر العظيم قدره وعظيم الإحسان الذي يغمر العباد في هذا الشهر، لكن الله عزَّ وجل هنا أشار إلى مزية متميزة خاصة لهذا الشهر هي الذي أنزل فيه القرآن، هذا الربط بين كتاب الله عزَّ وجل النور الذي يهدي إلى الطريق المستقيم إلى طريق السعادة إلى طريق الهداية إلى طريق الخير هو الذي أشار إلى مزية هذا الشهر أن الله أنزل فيه القرآن، أنزله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، يتنزل بها سيدنا جبريل وفق المناسبات التي أراد الله عزَّ وجل أن يربط بين المناسبة وبين تلك الآيات، وتابعوا الحديث عن هذا الشهر )فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ( من حضر ثبوت وولادة هذا الشهر فليصمه ) وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ( فشق عليه الصوم بسبب المرض أو السفر ) فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ( بوسعه أن يقضي تلك الأيام ) يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ( إنه مبدأ عام، وهو سمة من سمات ديننا، ومبدأ من مبادئ شريعتنا وميزة يمتاز بها هدي ربنا )يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ( وهذا هو شأن ديننا إن هذا الدين يسر، هكذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه" لن يخالف منهج هذا الدين أحد إلا قضى بذلك على نفسه وبين ضلاله في المسلك الذي يسلكه، هذا الدين دين التيسير، دين التبشير، دين الرحمة، دين العطاء، دين الإحسان، دين المحبة، دين التوادد والتحابب والتعاطف، وليس دين التنفير، ليس دين التعسير، ليس دين التشدد، ليس ديناً يأمر بالشر أو يأمر بالإرهاب أو يأمر بالعنف؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه " "إن الله يحب الرفق في الأمر كله" ما قال: يحب العنف في الأمر كله، هذا ما ينبغي أن نعرفه عندما يبدأ هذا الشهر من سمات هذا الدين لا من سمات هذا الشهر وحده، إن سمة هذا الإسلام أنه أتى بالبشارة وليس بالتخويف ولا بالعنف ولا بالغلظة، بل قال: )وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ( هناك من يقول عن ديننا هذا إن دينكم هذا يعبر عن نفسه: دين القتل دين العنف دين الإرهاب دين السيف، لا يفهم إلا بلغة السيف، وجوهٌ مكفهرة ومشاهد منفرة، يريدون أن يعرضوا الإسلام من خلالها ليكون أثر ذلك في نفوس الناس النفور من هذا الدين، الهروب من هذا الإسلام، والخوف والهلع منه، هناك من أتى بهؤلاء وقدمهم لمجتمعنا فكانوا وباءً عليه ، وكانوا وباءً على مجتمعنا.
سمة هذا الإسلام [يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر] لكنهم يأتون ليقدموا لنا إسلاماً يريد العسر ولا يريد اليسر، الله تعالى يقول:) وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ( قدموا لنا إسلاماً فظاً غليظاً لينفض الناس عن هذا الإسلام ولينفروا من مبادئه، ولتنبث في مشاعرهم أحاسيس الكراهية والخوف من كلمة الإسلام، إنه إسلام صنعته أمريكا، إنه إسلام صنعته الصهيونية، يمزقون هذه الأمة من حيث أمرهم الله عزَّ وجل بالوحدة، ويشتتون صفها في الوقت الذي يأمر فيه الله عزَّ وجل أبناء هذه الأمة بالتحابب والتوادد والتعاطف والتراحم، أما التراحم فهو أمر مفقود لديهم، أما التعاطف فهي لغة مهجورة في معاجمهم. إنه أمرٌ يبعث على التساؤل، أهو الإسلام الذي أنزله الله؟! لاحظ: )شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ( نحن نعرف الإسلام من خلال كتاب الله، لا من خلال المستوردات من هنا وهناك، لا من خلال هؤلاء الذين استوردوا من أقاصي الأرض ليبثوا في هذه المنطقة أفظع أنواع الإرهاب والخوف والفزع، ولينشروا في أوصال هذا المجتمع معنى الكراهية ومعنى التفرق، أين نحن من قوله تعالى )وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ
تشغيل
صوتي