مميز
EN عربي
الخطيب:
التاريخ: 25/05/2014

خطبة الدكتور توفيق البوطي: الإسراء والمعراج


الإسراء والمعراج
د. محمد توفيق رمضان البوطي
أما بعدُ فيا أيها المسلمون يقول الله جلَّ شأنه في كتابه الكريم: )سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (
وقال جلَّ شأنه: ) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (
وروى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنهأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قصة الإسراء والمعراج - وسأختصر الحديث وأقف عند أهم نقاطه - : " أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ، طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قَالَ: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ، ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ فَرَحَّبَ بِي، وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ ....إلى أن قال: ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، ... وهناك يقي ِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلَالِ – وهناك فرض الله عليه وعلى أمته خمسين صلاة في كل يوم وليلة- قَالَ:... فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلَاةً قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَقُلْتُ: يَا رَبِّ خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا – وفي الحديث -: فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ الله عزوجل: يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ - أي ثواب كل صلاة بعشر - فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ، فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا فَإِنْ عَمِلَهَا، كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً "
أيها المسلمون: حادثة الإسراء والمعراج لها دلالات عظيمة أولها لعلها خارقة لألوف الناس بقدرة الله سبحانه وتعالى إذ مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس وعاد في الليلة نفسها، وهذا أمرٌ لا يمكن للطاقة البشرية التي يتمتع بها الناس ذلك اليوم أن تحقق ذلك، أمر خارق لمألوف الناس الذي اعتادوا عليه ولطاقاتهم وقدراتهم، وهذا أمر جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه تثبيت لقلب النبي صلى الله عليه وسلم وامتحانٌ لإيمان من حوله، فمن كان راسخ العقيدة قوي الإيمان وجد في هذه الحادثة ما يزيده إيماناً وترسيخاً لعقيدته، أما من كان مضطرب العقل مضطرب العقيدة، إيمانه لم يستقر؛ فمثل هذا الحدث يمكن أن يضعه أمام منعطفين، منعطف يجد أنه حدث لا يستطيع إنكاره لأنه يتعلق بقدرة الله، وبين فريق آخر ينظر إليه كحدث لم يألفه عقله، ومن ثَمَّ قد يرتد عن دين الله، وفعلاً ارتدت قلة ممن كان دخل في الإسلام حديثاً، هذه المعجزة جرت في عهد النبوة وليس في عهدنا، ولذلك فإن معنى الإعجاز فيها يمكن أن يكون ذا تأثيرٍ مباشرٍ لجيل النبوة ولمن كان حول النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الزاوية.
والأمر الآخر في حادثة الإسراء والمعراج هذا الربط بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام، بانتقاله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وبين بناء المسجدين أربعون عاماً كما تقول الروايات الصحيحة في ذلك، والمسجد الأقصى لم يكن المشركون مهتين به، ولكنَّ الحنيفية التي كانت عليها قلة من العرب قبل النبوة، جعلتهم يعتقدون بأهمية المسجد الأقصى ذلك أنه يرمز إلى وحدة الرسالات السماوية ووحدة مصدرها ووحدة العقيدة التي بُعث بها الأنبياء جميعاً، هذا الربط له دلالة أخرى تتعلق بنا اليوم، أهمية المسجد الأقصى الذي فتحه عمر رضي الله عنه سلماً لا حرباً، وبطلب من قساوسة وبطارقة بيت المقدس، هم الذين أرادوا أن يسلموا المفاتيح لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لأن هذا ما نصت عليه كتبهم، ودخل عمر y القدس والمسجد الأقصى وأمَّنَ سكان بيت المقدس من النصارى على كنائسهم وصُلُبهم وأموالهم وأعراضهم، وعاش الإسلام يرفع من شأن المسجد الأقصى ويحافظ على كنيسة المهد وبيت لحم وغيره مما التزم به الإسلام من خلال وثيقة سيدنا عمر رضي الله عنه بالمحافظة عليه: حقوق سكان بيت المقدس من النصارى وغيرهم أيضاً، هذا الربط والذي ترتب عليه فيما بعد تحرير بيت المقدس، والذي تعرض لعدوان صليبي وحشي شرس، واجهه المسلمون حتى تمكنوا من تحريره بعد مائتي عامٍ من اغتصابه وتدنيسه من قبل الصليبيين بعد أن فعلوا ما فعلوا فيه من جرائم وانتهاكٍ لحرمة المسجدِ الأقصى، وقتلٍ وتدميرٍ وسفك دماء.
أقول: هذا المسجد الأقصى أمانة في أعناق هذه الأمة، ولن تنتظر هذه الأمة مائتي سنة لاستعادة المسجد الأقصى، بل إن المأمول أن يكرمنا الله عز وجل بعودة المسجد الأقصى مرة ثانية لا لفضل في الناس اليوم على من كانت عليه الأمة قبل أن يتمكن صلاح الدين ونور الدين الشهيد من تطهيره، ولكن لأمرٍ يريده الله عز وجل؛ لأن للأحداث التي نمر بها ما بعدها.
هناك دلالات أخرى في مسألة حادثة الإسراء والمعراج يطول الحديث عنها لو أني تناولتها بتفصيل ولكني سأقف عند دلالة أهم تربط حاضرنا بماضينا، إنها الظروف التي أحاطت بالدعوة الإسلامية وبالنبي صلى الله عليه وسلم عند وقوع حادثة أو معجزة الإسراء والمعراج، لم تكن الدعوة الإسلامية تعاني من صعوبة وشدة واضطهاد وضغط، ولا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من خطر يهدد حياته ودعوته كما كانت الحال في الظروف التي أحاطت زمانياً ومكانياً بحادثة الإسراء والمعراج، فعام الحزن توفي فيه أبو طالب وخديجة رضي الله عنها، خديجة كانت مسلمة إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو طالب كان مشركاً ولكنه كان يعطف على النبي صلى الله عليه وسلم ويحميه ويدافع عنه، فقدهما النبي صلى الله عليه وسلم في عام واحد، مما جرَّأ المشركين على الدعوة الإسلامية وعلى شخص النبي صلى الله عليه وسلم كما لم يتجرؤوا من قبل، مما دفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى الخروج من مكة إلى الطائف لعله يجد هناك مناخ يتيح له متابعة مهمته ورسالته التي كلفه الله عز وجل بها، لكن أهل الطائف لم تكن لديهم النخوة العربية ولا الشهامة المعهودة في كرم الضيافة، فقد أساؤوا استقبال النبي صلى الله عليه وسلم وأساؤوا ضيافته، فاستقبلوه بسفهائهم وشتائمهم واستهزائهم، وردوه أسوأ الرَّد، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم عائداً إلى مكة تطارده حجارة سفهاء ثقيف، وكان يوماً وصفه النبي صلى الله عليه وسلمبأشدِ يوماً مرَّ عليه في دعوته، ومضى وقد أصيب وشُجّ وسال الدم من عقبيه، حتى أوى إلى ظل حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة، وهناك رفع يديه إلى السماء ينادي ربه عز وجل
"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى عدوٍ يتجهمني؟ أم إلى قريب ملكته أمري؟ اللهم إن لم يكن بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي، أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له السموات والأرض أن يحل بي غضبك، أو ينزل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى" دعاء تضرع به النبي صلى فاهتز له الكون، وجاء جبريل ومعه ملك الجبال: ليقول له (إن شئت يا رسول الله أطبق على أهل مكة الأخشبين ) بعد كل هذا الإيذاء بعد كل هذا الحقد يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا، بل إني أرجو الله عزوجل أن يخرج من ظهورهم من يؤمن بي فيدخل الجنة "
أجل هذا منهج الدعوة، قلب الداعية، قلب مفعم بالرحمة مفعم بالحرص )حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ( ويعود النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة بجوار المطعم بن عدي ليعاود الدعوة إلى ربه.
بعد هذا الليل المطبق والظلام المدلهم تنبثق أنوار تمثلت في عدة أمور، أولها: أن الله ألهم المشركَين عتبة وشيبة أن يرسلا إليه عداس –غلام عندهما– بقطف عنب ويُفاجأ المشركان بأن عدَّاس انكب على قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلهما عندما تعجب من قوله "بسم الله الرحمن الرحيم" عندما أكل قطف العنب، فقال: هذا كلام لم أسمع به في بلدكم هذا، قال: من أي البلاد أنت؟ قال: من نينوى، قال: من بلد النبي الصالح يونس" أرأيت كيف تجتمع أسرة الحق فيجمع الناس كلهم على الحق؟ قال: "هو نبي وأنا نبي" فانكب على قدميه يقبلهما لأنه ليس من أهل مكة من يعرف يونس بن متى.
والأمر الآخر: لئن تمرد عليك الإنس فها هو وفد من الجن يأتون إليك يعلنون إسلامهم )وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ( والأمر الآخر: معجزة الإسراء والمعراج التي اتصلت فيها الأرض بالسماء، وارتقى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولئن ضاقت بك الأرض يا رسول الله فهاهو ذا ملكوت السموات قد فتحت آفاقه كلها لك، ترحب بك، لترقى من سماء إلى سماء حتى تصل إلى سدرة المنتهى، ويكرمك الله عز وجل في رحلتك القدسية تلك بما يكرمك به، ولتبلغ أعظم ركن من أركان الإسلام؛ كل أركان الإسلام نزلت إلى الأرض إلا الصلاة، ارتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتلقى فريضة الصلاة في السماء؛ بل فوق السماء.
أيها المسلمون: من رحم المحنة انبثق الفرج، وآخر تلك المظاهر من الفرج أن يوجه الله عز وجل الأوس والخزرج لسماع خطاب الدعوة، وينبثق النور الذي ولدت من خلاله الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة، أجل من رحم الأزمة، من رحم المحنة تمت ولادة الفرج، وانبثق النصر وانعطف مسار الدعوة كلها. تفتحت آفاق كانت غير منفتحة أمام رسول صلى الله عليه وسلم وكلما اشتد الليل ظلاماً كلما كان ذلك إيذاناً بدنو الفجر، وكلما اشتدت المحنة وطأةً كلما كان ذلك تبشيراً بأن النصر قادم، وبان الفرج آتٍ بإذن الله تعالى، فلئن ضاقت صدورنا اليوم بما نراه من محنة اشتدت ظلمتها على بلادنا وبلاد أخرى، أقول إن هذا إيذانٌ من الله تعالى بأن الفرج قادم، وبأن النصر آت لا مناص بإذن الله.
اليوم أنا لا أستطيع أن أشبه أنفسنا بأهل تلك المرحلة، ولكني أقف أمام نقطة هي أن الضيق والشدة يبشران بالفرج والنصر بإذن الله )فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا # إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا( النبي يقول:" لن يغلب عسرٌ يسرين " إنها بشارة ربانية ومنعطف في حياتنا في محنتنا في معاناتنا.
نحن اليوم أمام خيارين، خيار أن نستمر في حالة الاضطراب، في حالة فقدان الهوية والسير تحت الرايات العُميَّة، وبين أن نبحث عن مخرج تستقر فيه بلادنا؛ لنعالج مشكلاتها في ظل الاستقرار، في ظل الطمأنينة في ظل الحوار، في ظل اجتماع الأمة على حلول ترتضيها ويرضاها ربنا تبارك وتعالى، مستمدة من العقل وقواعد شرعية نرتضيها لأنفسنا، إننا نختار الاستقرار ولا نرضى السير وراء ارتهانات لجهات أجنبية هنا وهناك تدمر بلدنا وتفسد مجتمعنا، ما عانيناه خلال ثلاث سنوات ونيف يكفي، انتهى الأمر...فقد اتضحت الهوية... ولم يعد هناك أي داعٍ للاستمرار في هذا النفق المظلم؛ وقد انبثق النور، فما علينا إلا أن نبحث عن المخرج من هذه الأزمة التي نعيشها. ينبغي أن نبحث عن مخرج من هذا المأزق الذي وصلنا إليه، والذي زجتنا فيه جهات أجنبية وأناس رهنوا أنفسهم لجهات أجنبية، لا داعي للبيان فالأمور قد اتضحت والهوية قد أصبحت جلية، وهنا ينبغي أن يكون قرارنا بنا لا من غيرنا، وينبغي أن نبحث عن حلٍ لمشكلاتنا بأنفسنا، لا ببرامج خارجية وغيرها. والذين يريدون للأزمة أن تستمر ويريدون لحالة لضياع والاضطراب أن تستمر نقول لهم: نرفض ذلك، ونختار لأنفسنا أن نعيش أحراراً، أن نعيش في هذا البلد مع الخير مع الوئام، مع الاتفاق، مع بحث عن حلول نضعها نحن، لا حلول مستوردة من أمريكا، ولا من إسرائيل، ولا من بريطانيا، ولا من ألمانيا وفرنسا،
أقول: إننا بمقدار التجائنا إلى الله وصدق اتكالنا عليه وولائنا لهذا الدين؛ سيجعل الله بعد عسرٍ يسرا، ولكن هذا اليسر لن يكون ببرنامج خارجي، وإنما يكون بإخلاص من أمتنا للوصول إلى مخرج من هذا المأزق الذي زجت به، وأريد لها أن ترمى في أتونه، يكفي ما عنيناه ، ويكفي ما وصلنا إليه، ولنتضرع إلى الله عز وجل أن يجعل لنا من هذه الأزمة فرجاً ومخرجاً، وأن يجعل لنا من هذه المعاناة نهايةً يرتضيها ربنا سبحانه وتعالى، نبحث عن حلول لا ندع مجالاً للمشككين في ديننا وللمراهنين على عقيدتنا أن يجعلوا من هذه المحنة سبباً لانحراف مسيرة أمتنا إلى انحرافات وضلالات في عقيدتها أو في سلوكها أو في منهج حياتها.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل من ذكرى الإسراء والمعراج منعطفاً لأمتنا ولوطننا من حالة المعاناة إلى حالة الرخاء، من حالة الشدة إلى حالة النعيم، من حالة الخصام إلى حالة الوفاق، من حالة التمزق إلى وحدة تجمع قلوبنا على خيرٍ وهدى ورشاد.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين
خطبة الجمعة 23 – 5- 2014


تشغيل

صوتي