مميز
EN عربي
الخطيب:
التاريخ: 20/09/2013

خطبة الدكتور توفيق: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم


إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
د. محمد توفيق رمضان البوطي
يقول الله تعالى في كتابه الكريم : )وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ(
ويقول جلَّ شأنه : ) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين (
ويقول سبحانه :) قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (
روى البخاري عن أبي هريرة قال : قال : سمعت رسول الله r يقول : « والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة «
روى الترمذي عن أنس t أن النبي r قال: « كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون »
روى مسلم عن حذيفة بن اليمان قال : «كنا عند عمر فقال : أيكم سمع رسول الله r يذكر الفتن ؟ فقال قوم : نحن سمعناه، فقال : لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره قالوا: أجل ، قال : تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ، ولكن أيكم سمع النبي r يذكر التي تموج موج البحر ؟ فقال حذيفة : فأسكت القوم ، فقلت : أنا ، قال: أنت لله أبوك قال حذيفة سمعت النبي r يقول: " تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب اشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكرا، إلا ما أُشرب من هواه" قال حذيفة: وحدثته أي حدث عمر: أن بينك وبينها باباً مغلقاً يوشك أن يكسر». وهو مصرع سيدنا عمر t واستشهاده على يد ذلك العلج أبي لؤلؤة الذي قتله .
وعندما نجمع بين الحديثين، هذا الحديث الذي يقول إن الفتن تموج كوج البحر، و حديث الحاكم في المستدرك، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r : « إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء » إذا جمعنا بين الأمرين، عرفنا أن الفتنة العامة إنما هي نتيجة للمعاصي والذنوب.
أيها المسلمون:
عندما يصاب المرء بمصيبة في نفسه وأهله فليعد وليتحسس أمر نفسه، ليعد إلى نفسه فلينظر ماذا ارتكب من أمور مخالفة لربه سبحانه وتعالى، مخالفة لهدي الله وهدي نبيه r، فتلك تؤدي إلى مشكلات وسوء علاقات ومظالم وفساد في الأسرة والمجتمع، ولكن عندما تصاب الأمة بمصيبة، فإن علينا أن نتحسس مرتين، مرة على صعيد الفرد ومرة على صعيد المجتمع, ذلك ، فالمعصية التي يرتكبها الأفراد تنعكس بآثارها على المجتمع بأسره، وكثيراً ما يمكن أن يتصور الإنسان أن معصية تجري من فرد ما من فتاة أو من شاب أو من أي رجل نحو غيره، هي تصرف فردي، ولا يدرك أن هذه المعصية يمكن أن تفضي إلى فساد اجتماعي، فخروج المرأة بمفاتنها فتنة تفسد المجتمع، وانحراف الشاب في الشارع وفي المجتمع فتنة تؤدي إلى فساد اجتماعي لا تسهل معالجته.
ربنا سبحانه وتعالى يقول: ) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ( وعندما يقول الله تعالى هذا البيان ينبغي أن يعود كلٌ منا إلى نفسه فينظر في الفساد الذي يبدر منه وفي الخطأ الذي يرتكبه هو، في الموقع الذي هو فيه، أي فرد يعمل في مؤسسة، أي عاملٍ في متجر ، أي إنسان يعمل في مدرسة أو يعمل في دائرة ، أو يعمل في حقل ، او هو مدير أو مدار ، أياً كان موقعه يجب أن يعود إلى نفسه في الدرجة الأولى، فينظر في سلوكه وفي وضعه وفي صفاته وفي أخلاقه وفي تصرفاته فيضعها في ميزان الشرع ويتساءل: ترى أنا على خطأ أم على صواب ؟ على أن الإنسان لو عاد إلى نفسه لأدرك أنه أصاب أو أنه أخطأ، وكل منا يدرك وضع نفسه ) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ#وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ (كل إنسان عنده ميزان يجب أن يعود إليه من تصرفاته، ربنا تبارك وتعالى يقول: )فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا( إن فتنة طافت في البلاد وزلزلت البلاد والوطن والأمة، وصارت مشكلتنا في بلادنا هذه مشكلة دولية عالمية يتحدث عنها القاصي والداني، كل المؤسسات الدولية والإذاعات والمحطات والمواقع، وكل الناس يتحدثون عن مشكلة سورية عن أزمة سوريا. هذه الأزمة ينبغي أن ننظر إليها من زاويتين، زاوية التآمر الخارجي، وزاوية الخطأ الداخلي، والخطأ الداخلي يقتضي من كل إنسان في هذا المجتمع أن يعود إلى نفسه فيحاسب ن


تشغيل

صوتي