مميز
EN عربي

السلسلة: تاريخ التشريع الإسلامي

المدرس: العلّامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي
التاريخ: 18/10/2010

23- شيوخ الإمام أحمد بن حنبل - الأصول الاجتهادية التي سار عليها الإمام أحمد

التصنيف: علم تاريخ التشريع

الدرس الثالث و العشرون: الإمام أحمد بن حنبل, شيوخ الإمام أحمد بن حنبل: سفيان الثوري – عبد الله بن المبارك, الأصول الاجتهادية التي سار عليها الإمام أحمد, النصوص من الكتاب والسنة, فتوى الصحابة


خلاصة الدرس 23 تاريخ التشريع.

للإمام أحمد بن حنبل شيوخ كثيرون ومن أجلهم الإمام الشافعي والإمام هشيم بن بشير وقلنا أنه كان للإمام أحمد بن حنبل شيخان لم يرهما وكان يسمع مناقبهما ويحاول أن يتأسى بهما بدقة أحدهما سفيان الثوري والثاني عبد الله بن مبارك رضي الله عنهم.

لقد اتخذ الإمام أحمد سيدنا سفيان الثوري أستاذاً لنفسه وعندما ننظر في مناقبه نجدها تنطبق على المناقب التي يتسم بها الإمام أحمد رحمه الله تعالى وكان يقول الإمام أحمد عن سفيان الثوري: لا يتقدمه في قلبي أحد, وكان يصفه وحده بالإمام دون غيره من العلماء.

وبهذه المناسبة نذكر بعض مناقب سفيان الثوري: أولاً عاش فقيراً وكان يعيش على ميراث وصل إليه من عمه واكتفى به وكان عفيفاً كان ناصحاً للخلفاء وربما أغلظ بعض الأحيان في القول إن اقتضت المناسبة، ولم يقبل بالقضاء حين عرض عليه أبو جعفر المنصور منصب القضاء.. مات سنة 161 أي قبل ولادة الإمام أحمد بثلاث سنوات.

وكان يؤثر العزلة والخمول أي البعد عن الشهرة والعمل الدائب بعيداً عن الأضواء, وكان يدعو إلى ذلك هذا إلى جانب علومه في الحديث والعلوم الأخرى .. وهذه الأخلاق كلها اجمعت في وصف الإمام أحمد.

أما عبد الله بن المبارك فكانت حياته في مظهرها كانت على النقيض من حياة سفيان الثوري من الناحية المادية, فقد كان مكثراً وكان مضرب المثل في الغنى ولكن الجامع المشترك بينهما الورع والزهد وإيثار الخمول والعزلة, فكانت الثروة في حياة عبد الله بن المبارك هي المنطلق لهذه الصفات من زهد وورع وغير ذلك, وكانت قلة المال في حياة سفيان الثوري هي المنطلق لهذه الصفات ذاتها.... كيف ذلك..؟ لأن الزهد لا علاقة له بالكَم المالي.

عاصر عبد الله بن المبارك الإمام أحمد وبلغ الإمام أحمد أن ابن المبارك موجود بالعراق فلما شد نفسه إليه قيل له بأنه سافر إلى طرطوس وما مضى سنة أو أكثر إلا وجاءه نبأ وفاته وكان عام 181.. وهذا الذي جعل الإمام أحمد منه شيخاً له دون أن يلقاه.

كان عبد الله بن المبارك رفيع الأخلاق بعيداً عن الجاه وعن السلطان ولكن الله عز وجل شاء أن يكون كثير المال وكان مضرب المثل بالعطاء, وكان إلى جانب ذلك مجاهداً فلم يكن يخرج المسلمون في جهاد إلا ويكون معهم وكثيراً ما كان يبارز متخفياً متلثماً حتى لا يعلمه أحد, وكان عالماً بالحديث محدّثاً ...

فهذه خلاصة ترجمة كل من الإمامان اللذان اختارهما الإمام أحمد شيخان له.

- ما هي الأصول الاجتهادية (استنباط الأحكام) التي اعتمدها الإمام أحمد..؟

يروي الإمام ابن القيم في كتابه - إعلام الموقعين- بياناً مفصلاً لمنهج الإمام احمد في الاجتهاد:

أولاً: المصدر الأول للحكام في اجتهاد الإمام أحمد هو النصوص من القرآن أو من السنة فإذا وجد للحكم بياناً من خلال نص من القرآن أو السنة واضحاً لم يبتغ بذلك بديلا., وهذه النقطة اتفق عليها كل الأئمة رضي الله عنهم.

ثانياً: إن لم يجد نصاً للحكم لا في القرآن ولا في السنة فيعتمد على فتوى الصحابة إذا اتفقوا على الحكم أو علم فيهم من أفتى بكذا وكذا ولم يعلم مخالفاً لهم, عندئذ يأخذ بفتوى الصحابة رضوان الله عليهم.

ومن أمثلة هذا النهج الذي كان يسير عليه الإمام أحمد: إذا شهد رقيق أمام القضاء هل تقبل شهادته، وجد الإمام أحمد أن جُل الصحابة يفتون بأنها تقبل فقضى بذلك بناءً على فتوى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تحميل



تشغيل

صوتي
مشاهدة