مميز
EN عربي

السلسلة: تاريخ التشريع الإسلامي

المدرس: العلّامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي
التاريخ: 21/06/2010

14- الإمام أبو حنيفة...منهجه و تلامذته، الإمام مالك و منهجه

التصنيف: علم تاريخ التشريع

الدرس الرابع عشر: الإمام أبو حنيفة...منهجه و تلامذته، الإمام مالك و منهجه


الدرس 14 تاريخ التشريع الإسلامي.

لا زلنا نتحدث عن الإمام أبي حنيفة ..

كان الإمام أبي حنيفة يتردد بكثرة إلى مكة والمدينة، يبتغي بذلك الاجتماع مع علماء الحجاز والجلوس إليهم والاستفادة منهم فجلس إلى عطاء بن أبي رباح مفتي مكة والمدينة وأخذ أيضاً عن نافع مولى عبد الله بن عمر وغيرهم من علماء أهل البيت منهم زين العابدين بن علي ومحمد الباقر وابنه جعفر الصادق.

نقول بهذه المناسبة أن محمد الباقر وزيد بن علي وجعفر الصادق هؤلاء هم الأئمة الذين لا يأخذ الشيعة إلا منهم وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن علماء أهل البيت وفي مقدمتهم هؤلاء كانوا يثنون على الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وكانوا يُسكتون كل من يريد أن يطيل لسانه بأي إساءة في حقهم... ونحن إذا أردنا أن نقتدي بآل البيت فبهؤلاء نقتدي, ونحن في مقدمة من يجعلوا قلوبهم أوعية لمحبة آل البيت ومحبتهم تستلزم اتباعهم.

ولم يكن في ذلك العصر أي شيء يبرز أن هنالك فئة تسمى الشيعة وتتخذ من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام موقف العداء, نتجت ظاهرة الحقد على الخلفاء الثلاثة هو عبد الله بن سبأ الذي يدعى بابن السوداء اليهودي المقنع بالإسلام الذي جاء من اليمن ..

الإمام الثاني صاحب أبي حنيفة هو: ( محمد بن حسن الشيباني)

ولد في الكوفة وطلب الحديث فيها والفقه وعلم الكلام من الإمام مالك وكان من مشايخه أيضاً الإمام الأوزاعي وسفيان الثوري وآخرين ثم تعرف على أبي حنيفة وصحبه وأخذ الفقه عنه لكن لم يتح له أن يجالس الإمام أبي حنيفة فترة طويلة , وأخذ أيضاً عن أبي يوسف, أصبح الإمام محمد مرجعاً في الفقه الحنفي حتى أنه تألق نجمه أكثر من أبي يوسف بسبب اشتغال أبي يوسف بالقضاء فمنعه من مواصلة المعرفة والعلم فتفوق عليه محمد الشيباني في الفقه وأصبح مرجعاً في الفقه في حياة أبي يوسف.

الإمام الشافعي زار بغداد وزار قبر الإمام أبي حنيفة وكان يبجّله تبجيلاً كبيراً وتعرف على محمد بن حسن الشيباني وقال:

لقد أخذت من محمد بن حسن الشيباني وقْر بعير من العلم – أي حِمل الكتب التي قرأها عليه – وقد قامت مناظرات طريفة و جميلة بينهما بعض هذه الأمور التي تمت المناظرة بينهما فيها بعضها تابع الإمام الشافعي الشيباني فيها وبعضها تابع الشيباني محمد الشافعي فيها , فلم تكن المناظرة لتفوق أحدهما على صاحبه وإنما بحثاً عن الحق وهذه المناظرات موجودة في كتاب الإمام الشافعي( الأم )..

الإمام مالك

واسمه مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي " وأبي عامر من كبار أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولد على أصح الأقوال سنة 93 هجرية وتوفي 179 هجرية وبهذا نجد انه قد عاصر الخلافة الأموية والعباسية.

ولد في المدينة المنورة من أسرة أصلها يمني من قبيلة اسمها ( أصبح ) وأسرته أسرة علم والده أنس كان عالماً وجده مالك بن عمر الأصبحي كان محدثاً سمع الحديث من أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة بن عبيد الله والزبير والكثير من الصحابة.

والإمام مالك بعكس الأئمة فقد استقى من المدينة المنورة بعكس غيره من العلماء الذين ارتحلوا في طلب العلم والسبب أن العلماء من جميع أصقاع العالم الإسلامي كانوا يرتحلون إلى المدينة المنورة فكان في المدينة يرى الجميع وخصوصاً في موسم الحج.

وبهذا اطلع الإمام مالك على عادات الناس والظروف والأماكن المختلفة وبالتالي اتسعت آفاقه الفقهية واتسعت مداركه الاجتهادية وأقام للمصلحة التي هي أساس الشريعة الإسلامية ميزان دقيق.

حفظ الإمام مالك القرآن وهو طفل شأنه شأن كل الأطفال الذين سلكوا هذا المسلك، وبعد سبع سنوات بدأ يأخذ عن نافع ( مولى عبد الله بن عمر ) وهو من أحفظ علماء الحديث وهو راوي ومحدث وفقيه ويقول الإمام عن نفسه ( كنت أخرج وقت الظهيرة وليس للأشياء ظل أتتبع درس ابن أبي شهاب الزهري ).

ومن أساتذته ربيعة بن عبد الرحمن ومن أئمة الفقه ولقب ربيعة الرأي معروف أنه كان من مدرسة الرأي لأنه على الرغم من وجوده في المدينة ومن مدرسة الحجاز إلا أنه كان يتجاوز دائرة النصوص إذا كثرت المسائل.

جلس الإمام مالك يروي الحديث ويفتي كما قيل في بعض الروايات وعمره لا يتجاوز سبعة عشرة سنة. كان الناس يزدحمون على مجلسه تباعاً .. أفتى الناس في المدينة 70 عاما ويلقب بإمام دار الهجرة.

الإمام الشافعي شهد له بقوله: مالكٌ حجّة الله على خلقه وقال حمّاد بن سلمة شيخ الإمام أبي حنيفة: لو قيل لي اختر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم إماماً يأخذون عنه العلم لرأيت مالكاً هو الأهل لذلك.

كان بالإضافة إلى اتساعه في علوم الفقه كان محدّثاً وشهد له بذلك الإمام البخاري رحمه الله تعالى قال الإمام البخاري أن أصح الأسانيد: مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم.

ومن أصح الأسانيد : مالك عن الزهري عن سالم عن أبيه وهو الذي وضع كتاب الموطأ من أوائل ما دوّن في الحديث وكان من كلّفه بذلك أبو جعفر المنصور وقال له أخرج مدونة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ووطئه توطيئاً.

بقي الإمام مالك يشتغل بالموطأ 40 عاماً وضم فيها ( بضعة وخمسمئة )حديثاً, وهي أصح ما اعتمد عليه الإمام مالك رضي الله تعالى عنه.

تحميل



تشغيل

صوتي
مشاهدة