مميز
EN عربي

السلسلة: تاريخ التشريع الإسلامي

المدرس: العلّامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي
التاريخ: 03/05/2010

9- خصائص الدور الثالث:الخاصة الثانية: شيوع رواية الحديث ،الخاصة الثالثة: ظهور الوضاعين

التصنيف: علم تاريخ التشريع

الدرس التاسع: خصائص الدور الثالث:الخاصة الثانية: شيوع رواية الحديث ،الخاصة الثالثة: ظهور الوضاعين


خلاصة الدرس 9 تاريخ التشريع الإسلامي.

الأمر الثاني الذي يمتاز به هذا الدور: هو شيوع رواية الحديث بعد أن كان هناك تحفّظ كبير في روايته وقد قلنا بأن أبو بكر رضي الله عنه كان يحذر من الاسترسال في الرواية عنه صلى الله عليه وسلم وكذلك سيدنا عمر فكان هنالك تحفّظ والمراد منه الانضباط الشديد فيما يتعلق بالرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن في هذا الدور بدأت تشيع الرواية عن رسول الله عليه الصلاة والسلام والسبب هو:

- تكاثر الحاجات التي تلحّ على المسلمين لا سيما في الأماكن النائية على معرفة حكم الله تعالى فيها فالقرآن يوضح ويبين الأحكام لكنه في كثير من الأحكام يعهد إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم بالتفصيل والشرح , إذاً السنة النبوية أوسع بكثير من القرآن .

وبرجوع هؤلاء إلى أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لمعرفة الأحكام يضطر الصحابة بذلك إلى أن يرووا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ليبينوا لهم الأحكام ,

- الصحابة يتفاوتون في الرواية عن المصطفى صلى الله عليه وسلم ضيقاً واتساعاً ففيهم المكثر في الرواية عن المصطفى عليه الصلاة والسلام وفيهم المقِلّ فمثلاً: أبو هريرة وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر بن الخطاب وأنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهم كانوا من المكثرين للرواية عن المصطفى عليه الصلاة والسلام .

العوامل التي ساعدت على كثرة الرواية عن المصطفى صلى الله عليه وسلم :

أولاً: طول العمر للصحابي وإسلامه المبكر .. أنس بن مالك ممن عمّر كثيراً.

ثانياً: طول الصحبة للمصطفى عليه الصلاة والسلام ... كسيدنا أبي هريرة رضي الله عنه, وأنس بن مالك خادم المصطفى عليه الصلاة والسلام.

ثالثاً: جمع الحديث من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام فليس كل أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يروون إلا عن المصطفى عليه السلام، فمنهم من يروي عن أمثاله من الصحابة فمثلاً: سيدنا عبد الله بن عباس حين توفي عليه الصلاة والسلام كان لا يزال صغيراً شاباً فلم تتح له مدة طويلة تمكنه من الإكثار من المصطفى عليه الصلاة والسلام لكنه كان يأخذ من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام , وهوكان من المكثرين للرواية ,

والصحابة كلّهم عدول فإن ثبتت الصحبة لأحدهم مع رسول الله عليه السلام يتمتع بالعدالة في ذلك والذين صنفوا الصحابة وقسموهم إلى عادلين وغير عادلين هؤلاء دفعتهم العصبية الرعناء إلى هذا.

هنالك من الذين يتربصون بالإسلام يرون أن سيدنا أبو هريرة كان من اكثرين للرواية عليه الصلاة والسلام فيركزون على اختلاق اتهامات من أجل أن يشككوا بعدالة ومصداقية سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه , لأنهم إن نجحوا في انتزاع الثقة بقلوبنا منهم فيكون بالتالي قسم كبير من أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام نرتاب ونتشكك فيها إذاً بنيان الشريعة الإسلامية سيهتز وبالتالي شيئاً فشيئاً يتهاوى وهذه خطة منهم مرسومة, لذلك قد تجدون مؤلفات عن سيدنا أبي هريرة كلها هجوم عليه وهي مختلقة اختلاقاً غريباً في حقه رضي الله عنه ... فاحذروهم

الشيء الثالث الذي يعد من خصائص هذا الدور الثالث :هو ظهور الوضاعين الذين كانوا متفرغين إلى وضع الحديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم.

الثغرة التي استطاعوا بها أن يضعوا الحديث على المصطفى عليه الصلاة والسلام هي عدم تدوين الحديث إلى ذلك العهد فقد كان الحديث يروى اعتماداً على الذاكرة.

وعندما اتسعت الفتوحات الإسلامية وبالتالي اتسعت الرقعة الإسلامية أصبح وجود الحديث على الأفواه دون أن تسجل هذه الأحاديث وتدوّن أصبح ظاهرة خطيرة , المجتمع الإسلامي كان ضيقاً وكان أفراده يكادون أن يكونوا محصورين لكن الآن انتشر الإسلام في البلاد ووجد الزنادقة والملاحدة والذين كانوا يتظاهرون بالإسلام ويضمرون الكيد له.

العوامل التي جعلت هؤلاء الناس يدسون على رسول الله عليه الصلاة السلام.؟؟

العامل الرئيسي لذلك هو عداوتهم للإسلام والأحقاد التي كانت تغلي بها قلوب كثير ممن غُلب على أمرهم , فكثيرون منهم تظاهروا بالإسلام لكنهم كانوا زنادقة.. والوسيلة الدس على المصطفى عليه السلام ووضع الأحاديث الكاذبة إن كان في العقائد أو في الأحكام الفقهية أياً كانت

وهناك عامل آخر: أصبحت ساحة الوضع وسيلة مفتوحة لأصحاب الفرق الجانحة الذين يريدون أن ينتصروا لمعتقداتهم الجانحة إذا معتقداتهم التي يتبنونها مبنية على عصبية. وكذلك عصبية كثير من أصحاب الفرق لمعتقداتهم من أجل أن يحصنوا معتقداتهم بالأدلّة فيخترعون أحاديث على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم

هنالك عامل آخر كان يمارسه المغفلون بالحقيقة يضعون أحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في فضل بعض العبادات وحين يسأل هؤلاء عن سبب وضعهم أحاديثاً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام يكون جوابهم: نحن نكذب لرسول الله عليه الصلاة والسلام لا نكذب عليه

إذا عوامل الوضع هي:1- العداوة الدينية .

2- العصبية المذهبية

3- متابعة أهواء بعض الخلفاء والأمراء: فكان بعضهم يجالس الأمراء وينظر ما هي هواياتهم فيخترعون حديثاً ينسجم مع هواياتهم .

لكن أهم العوامل وأخطرها هو : عامل الزندقة، يروي حماد بن زيد رضي الله عنه يقول: وضعت الزنادقة مالا يقل عن أربعة آلاف حديث يكذبون فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخلطوا الحق بالباطل , ولكن هل نجح هؤلاء فيما قصوا إليه..؟

لا .. بل في الواقع هذا الذي حصل أيقظ أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن ثم التابعون الذين جاؤوا من بعدهم إلى القيام بمهمة علمية كبيرة جداً جعلت العالم كله يذهل لهذا التحصين العجيب العلمي الحضاري لحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام , ثم اصبح هذا الأمر نهجاً للتاريخ كله.

تحميل



تشغيل

صوتي
مشاهدة