مميز
EN عربي

الفتوى رقم #55277

التاريخ: 11/07/2016
المفتي: الشيخ محمد الفحام

حرمت من لذة الطاعات .. فما الحل؟

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

ما العلاج لشخص كان ملتزما بالصلاة في وقتها وقراءة كتب العلم وحضور الدروس والاستماع إليها بهمة عالية جدًا، ثم ... تغيرت أحوالها لأسباب غير واضحة لها. فصارت الآن تفوتها الصلاة بسبب النوم أو غيره، وفقدت الهمة العالية، وأصبحت كثيرة النسيان وقليلة التركيز وضعيفة الانتباه بشكل غير طبيعي، وتريد بحرقة أن ترجع إلى جنب الله والذكر الذي كانت عليه. لكن ترجع أيام وتضيع أيام كثيره. فكيف تصلح علاقتها مع ربها قبل فوات الأوان؟ وهل هذه الأمور علامه على عدم رضا الله بها؟ لأنها كلنت توفق للطاعات والآن انقطعت عن ذلك.

الجواب

بسم الله والحمد لله والصلاةُ والسلام على سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد؛ فإنَّ الكسلَ والنشاط كلٌّ مِن قَدَرِ الله تعالى, فإنْ عُلِمَ السببُ تلافاه العبد ُامكانَه كأنْ تُشْغَلَ النفسُ بما لا طائل منه من الأهواء التي تظلم سبيل العبد إلى ربِّه فيُحْجَب بتلك الظلمات عن أنوار التجليات الهادية, وإنْ لم يكن كذلك, فقد تكون العِلةُ الإسارَ بِعَيْنِ العملِ الشاغل عن خالقِه, وهذا من أخطر الأسباب لأنَّه كثيراً ما يَدفَعُ صاحبَه إلى باطن الإثم برؤية النفس أنها خيرٌ من غيرها, أو أنه ابتلاءٌ من المعبود الذي كلَّفنا بالعبادة في نظام العبودية عبر تكرار قولِه الأقدس في كلِّ ركعة من صلواتنا: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) لينقلَنا سبحانه من دائرة التكلُّفِ إلى شرفِ التَّعَرُّفِ عليه بمدلول الاستعانة أنَّ أحداً منا لا يملك تحريكَ ساكنٍ, أو تسكين متحرك إلا بخلقِه وإرادته وإذنه ولطفه سبحانه, وهذا يقتضينا شكرَه أنِ ارتضانا ضيوفاً على مائدته فيَسَّرَ ووفَّقَ وسَتَرَ, فإنْ شَعَرْنا بفتور الهِمَّة رجَعْنا إلى المنعِم المعين جلَّ جلاله بالافتقار والاستغفار وكثرة الرجاء والدعاء مع التسليم والأدب بطلب الوصول إلى لمأمول الذي ما خُلِقْنا إلا مِنْ أَجْلِه. وأقول: فإن الالتزام بالأدب لأجل الآمر هو أوفى سبيل للوصول والعَوْدِ الحميد إلى المنهج المجيد فلو حَرَمَنا أُنْسَ العبادة فإنه لم يحرِمْنا كرامةَ الوقوف على بابه والتشرف بالعيش في محراب قربه, وعليه فالمؤمن المخلص هو العابد ربَّه لأجلِه لا لأجل شيء سواه, ومن اللطائف ما ورد أن البلاء لما اشتد على السيدة آسية رضي الله تعالى عنها وقد ذاقت طعم الإيمان بمعرفتها ربها قالت: والله لو قطعت إربا لم أزدد له إلا حباً. ألا فلنحرص على العمل والطاعة من أجله سبحانه نُدْرِكْ أوفى مَعاقِدِ العِزِّ والخير به وكما قيل: من أدرك الله أدرك كلَّ شيء, ومن فاته الله فاته كل شيء. فاللهم؛ اشغلنا بك عما سواك وفرِّحنا بلقاك, وأَعِذْنا من القواطع الحاجبة عن الوصول إليك لاسيما حجاب رؤية العمل والانشغال به عنك واجعلنا ربانيين يارب العالمين مع الرجاء بصالح الدعاء.