مميز
EN عربي

الفتوى رقم #47806

التاريخ: 29/08/2014
المفتي: الشيخ محمد الفحام

كيف يواجه المسلم الإساءة للمقدسات

التصنيف: العقيدة والمذاهب الفكرية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...ما واجب المسلم إذا حصل أمامه إساءة للمقدسات أو سب وشتم للدين والذات الإلهية والقرآن وما شابه ..

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته, وبعد؛ فإن مما لاشك فيه أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كل مسلم, غير أن ما ينبغي الانتباه إليه هو تطبيق الحكم على ثوابت فقهه بعيداً عن المزاجية أو العشوائية أو الرأي الشخصي. ثم إن عدم الرضى بالمنكر هو القاسم المشترك بين طبقات المكلفين كلِّهم, وخير تفصيل لدرجات التفاعل والفعل الحديث النبوي المشهور وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) وعليه فمن رأى منكراً وعلم أنه باستطاعته إزالته دون حدوث فتنة أو منكرٍ أكبرَ وجبَ عليه ذلك, وإلا توجَّه إلى الدرجة الثانية وهي الإنكار باللسان نصحاً وتوضيحاً, فإنْ أيقن صعوبةَ ذلك للعلةِ ذاتِها توجَّه إلى الدرجة الثالثة وهي الإنكار بالقلب قائلاً "اللهم إنَّ هذا منكر لاأرضى به وأنت أعلم" وقيل: هو تفصيلٌ من النبي صلى الله عليه وسلم بين طبقات المكلفين أشبه ما يكون بتوزيع المهام حسب الطاقات والمسؤولية على التخصيص, فالدرجةُ الأولى؛ لولي الأمر أي التغيير باليد حَسماً للمنازعات ودرءاً للمفسدة ومنعاً للفتن, والثانية؛ للعلماء أي؛ التغيير باللسان توجيهاً وتعليماً, والثالثة؛ للعامة أي التغيير بالقلب المترجِم لعلة النهي وهي عدمُ الرضى فضلاً عن المشاركة بالمعصية. هذا؛ ومن وجيه الحُكْم العلمُ بأنَّ إزالةَ المنكر فرضُ كفاية إذا قام به البعضُ سقطَ عن الباقين وأما إنكارُه بالقلب ففرضُ عين. ثم إنَّ إنكارَ المنكر هو الأصل وليس القبولَ شرطاً داخلا في الأمر أو الآمر لقوله تعالى: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ) وقوله تعالى: (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) فلا يسقط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمجردِ ظنِّ عدمِ القبولِ لدى المأمور. ثم إن الحكمة من ذلك كلِّه زوالُ المعصية عن العاصي تنويراً لقلبه وجمعاً لشمله على ربه سبحانه يُعيننا على ذلك اتخاذ الحكمة والموعظة الحسنة سبيلا كما هو واضحُ كلام الرحمن الرحيم في بيانه المبين: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) مع كثرةِ الدعاء للعاصي بالتوبة, وللضال بالهداية لاسيما في ظهر الغيب, فأسأل الله تعالى أنْ يهدينا سواءَ السبيل, ويعيننا على إحقاق الحق بتحبيبه للناس عبر الحكمة والموعظة الحسنة مع قوة الحجة وصدق المحجة. آمين آمين يارب العالمين. وفقك الله تعالى وأعانك وسدَّد خطاك وأيدك, ولا تنسني من الدعاء.