الفتوى رقم #47745
التاريخ: 28/08/2014
المفتي: الشيخ محمد الفحام
ورد حسبنا الله ونعم الوكيل
التصنيف:
الرقائق والأذكار والسلوك
السؤال
سمعت من أحد الصالحين أنه يقرأ ورد حسبنا الله ونعم الوكيل (450) مرة من أجل أي رزق مادي يطلبه من الله تعالى مستنداً إلى قصة هذا الورد مع الصحابة الكرام بأنهم انقلبوا بنعمة من الله وفضل، ولكن سؤالي أليس الحسب في اللغة بمعنى الكافي من الشرور، أم أن معناه الكافي من كل شيء، وهل يصح مثلاً إذا أردت علماًأوعملاً أو زواجاًأو مقاماً عند الله تعالى أن أدعو بورد حسبنا الله ونعم الوكيل بمعنى أني أتوكل في أموري هذه كلها على الله تعالى وأنه حسبي الذي سيكفيني كل هذا، ثم أريد أن أسأل عن الصيغة التي يختم بها هذا الورد هل فيها أي إشكال شرعي، والصيغة هي: اللهم إني أسألك أن ( ويسمي حاجته ) كيف شئت وبما شئت من اسمك الوكيل، وبحق حسبنا الله ونعم الوكيل، وكرامة لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم ( ما معنى وبحق حسبنا الله ونعم الوكيل؟؟ )وجزاكم الله خيراً وبارك بموقعكم هذا
الجواب
أخي الكريم؛ مما لاشك فيه أنَّ الاحتسابَ بالله تعالى مصدرُ الكفاية على العموم , ولما كان الكافيَ اللهُ كانتْ كفايتُه لعبده المحتسب شاملة, هذا؛ ومن سنن الله في عباده أنْ يقابلهم بما هو أهله في كلِّ مطلب يُخلصون فيه لله تعالى.
ففي قوله تعالى: (..وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) كان قد ذكر سبحانه قبلها سبب لجوئهم وعلة قولهم بقوله: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً..) أي فلما احتسبوا أمرهم وحَسَمُوا قضيتهم قال تعالى: (فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) أي فرجعوا بنعمة من الله وسلامة وربح لم يمسسهم سوء مِن قتل أو جرح, واتبعوا رضوان الله بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم, والله ذو فضل عظيم على أهل طاعته.
وفي التوبة عند قوله تعالى: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) يصف الحق سبحانه حالَ النبي صلى الله عليه وسلم وتوجهه الدعوي وهدايتَه الراحمة ثم يوجهه سبحانه إلى الاحتساب حيال ذلك إنْ أعرضوا فيقول له:( فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) أي قل كافيَّ اللهُ، عليه توكلت، وبه وثِقتُ لا بغيره.
وفي آية الزمر قوله تعالى:(...قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) كختامٍ مطلعُه (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) أي؛ قل يا محمدُ كافيني اللهُ بواسع رحمته فهو المعطي ولا أحدَ غيره يمنع...وغيرها في الآيات في ذلك السياق وهذا السبيل تشير إلى الكفاية العامة بالله و بما هو أهلُ جميلِه سبحانه.
فالكفاية من الله كفايةٌ للعبد من كلِّ شر ومانع للخير, فهي من الشمول بمكان لأنَّ ربي سبحانه يعامل ويقابل بما هو أهله كما هو مدلول الآية الكريمة: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) وعليه فالإنكار من (حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) استجداءً من الله تعالى لكلِّ الخيرات, وحِرزاً من كلًّ الشرور والطامات.
وأما معنى قوله: (_بحق_ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) فهو على مدلولين الأول؛ سؤال الله تعالى الحاجةَ ببيانِه وكلامِه, والثاني؛ سؤالُ الله تعالى بنوع من أنواع العبادات وهو الافتقارُ والتوكل وكلاهما مشروع لا اشكالَ فيه وكذا التوسُّل بالحبيب الأكرم صلى الله عليه وسلم.
ختاماً؛ أسأل الله تعالى أنْ يكفينا جميعاً ما أهمَّنا وأغمَّنا من أمور الدنيا والأخرة ... مع الرجاء بالدعاء.