الفتوى رقم #45852
التاريخ: 27/04/2014
المفتي: الشيخ محمد الفحام
حضور القلب في الصلاة ليس بغلو
التصنيف:
الرقائق والأذكار والسلوك
السؤال
السلام عليكم. ما حكم ااستحضار المصلي للنبي صلى الله عليه وسلم اثناء التشهد ؟؟؟ حيث اني يا سيدي استحضر نفسي كأني جالس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم خلال كل فترة التشهد والصلاة الابراهيمية خلال الصلاة , واشعر بروحانيه وقشعريرة كبيرة بهذا الاستحضار , فهل يجوز مني هذا الفعل؟؟؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته, وبعد؛ فلما كانَ أداءُ العبادة في ظِلِّ الأمر الإلهي كان إعطاؤها حقَّها من الأدبِ والاستحضار والالتزام فَرْعاً عنها, وعليه؛ فلابد من التَّحَقُّق بكل جُزءٍ من الصلاة على وصف معناها, ففي صورةِ منتهى مقامِ العبودية "السجود" نَتَحَقَّقُ بعظمةِ المسجودِ له سبحانه لِنلج دوحةَ الأنس بالقرب غيرَ أننا نعْبُدُ ابتداءً بحالٍ من الجلال لو دام علينا لفَنينا بين يدي ذي الجلال مِن شِدة خوفنا وحيائنا, فنتجرد عن جهدنا ووُسعنا حتى إذا ما شعرنا بالتقصير كان أمرُ الجمال مطلوباً وهو الذي يُترجمه الرجاء فيحتاج إلى أنْ نكون مع من قال (صلوا كما رأيتموني أصلي) لذلك كان من هذا العطاء أنْ جعل الله تعالى صلةَ الأمة بنبيها صلى الله عليه وسلم حتى في صلاتها ائتساءً واقتداءً واتباعًا على مقام الحبِّ الخالص ليسريَ الحالُ فيهم فيغدوا وكأنهم بين يديه بل من ورائِه _إماماً وهم ومقتدون_ كأنهم رأيَ عين.
هذا؛ وليس في الأمر غُلُوٌّ وقد تلقيناها عنه صلى الله عليه وسلم موحاً إليه من عند الله (السلام عليك أيها النبي) ثم في ختامها (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) لتعم البركة المسلم والمسلم عليه فقد ورد (إنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض) وليس أشرفُ من العبودية التامة صفةَ كمالٍ في العابدين المترجِمة رضاً بما يأمُر الرب سبحانه، و كمال العبادةُ في أداء ما يرضيه، ويرضيه أن تؤدي المأمور به كما أمر سبحانه.
وبهذا السبيل نعطي كل ذي حق حقَّه حتى الملكين ومَن على يمين المصلي وشماله من صالحي الإنس والجن كذا ملائكة الرحمن الحاضرين لحظةَ السلام بقوله: (السلام عليكم ورحمة الله) فمِن باب أولى أنْ نخاطب النبيَّ صلى الله عليه وسلم قبلاً بكاف الخطاب.
فأسأل الله تعالى أن يزيدنا أدباً في العبادة وتحققاً في العبودية وخضوعاً بين يدي المعبود لنفقَهَ معنى الالتزام بما أمر سبحانه, وفقك الله تعالى ورعاك أمين ولا تنسَ أنْ تخصَّني بدعواتك الصالحات لا سيما لحظاتِ تخشُّعك تلك بارك الله بك.