الفتوى رقم #44208
التاريخ: 19/01/2014
المفتي: الشيخ محمد الفحام
كيف أتعامل مع الحاسد
التصنيف:
الرقائق والأذكار والسلوك
السؤال
السلام عليكم..فضيلة الشيخ محمد الفحام.. لدي صديقة على ما لاحظته منها تحب الدين والمتدينين .. واتباع اوامر الله واجتناب نواهيه.. لكن لاحظت عليها أنها تصيب بالعين كثيرا .. وذات مرة لمحت لها ان ممكن تكوني اصبتيني بالعين واريد وضوءك فأعطتني وضوءها بكل بساطة.... أنا محتارة هل اصارحها بذلك أم أبتعد عنها وأتركها لأنه كلما اجتمعت بها اصابتني بشء ... وجزاكم الله خيرا
الجواب
عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته الأخت الكريمة؛ لاشك أن العينَ حق والحديث في ذلك مشهور محفوظ, غير أنَّ علينا التيقُّن من ذلك خشيةَ أن نُجْحِفَ في حقها فنُسْألَ بين يدي الله تعالى, وعليه فنسأل بعضَ الأصحاب عن أحوالها بطريقة لطيفة غير جارحة فإنْ بلغْنا في الخبر مبلغَ اليقين عندها وجب الأمور الآتية؛
أولاً؛ نصحُها بدفع أذاها عن الناس عبرَ الذكر النبوي المخصوص بالحفظ كأن تقول عند رؤية أي صورة من الخلق حسنة وجميلة (بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله, اللهم؛ سلِّمْه ولا تضرَّه) مع قراءة ما تيسر من القرآن بصوت خافت لاسيما آية الكرسي والمعوذات.
ثانياً؛ أن يكون لسانُها رطباً بذكر الله تعالى بعنصر التلبية للحق الآمر بذلك سبحانه في قوله الجليل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيرا) فقد ثبت لدى أهل البصائر أنَّ نور الذكر يُبَدِّدُ شعاع العين المؤذي بإذن الله تعالى.
ثالثا؛ يُنظر إلى الطريقة النبوية كما فصَّلها الفقهاء إنْ وقع ضررها على أحدٍ فصار مُعاناً قالوا رضي الله عنهم: لما أُصيب سيدنا سهل بن حُنَيْف بالعين عند اغتساله أمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم العائن أن يتوضأ, وصفة ذلك عند العلماء أن يؤتى بقدحِ ماء ولا يوضع القدحُ على الأرض فيأخذ العائن منه غَرفة ثم يتمضمض ثم يمُجُّها في القدح, ثم يأخذ منه ماء فيغسل به وجهه, ثم يأخذ بشماله ماء يغسل به مرفقه الأيمن, ثم يأخذ بيمينه ماءً فيغسل به مِرفقه الأيسر, ولا يغسل ما بين المرفقين والكعبين, ثم يغسل قدمه اليمنى ثم اليسرى ثم ركبته اليمنى, ثم اليسرى على الصفة المتقدمة, وذلك في القدح, ثم داخلة إزاره _وهو الطرف المتدلي الذي يلي حَقْوَه الأيمن_, فإذا استكمل هذا صبَّه من خلفه على رأس المعان فيبرأ بإذن الله تعالى.
رابعاً؛ هل يجبر العائنُ على الوضوء للمعان أم لا؟ أقول: احتجَّ مَن أوجبَه بقول النبي صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم: (العين حقٌّ, ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين, وإذا استُغْسِلْتُم فاغسلوا) لأنَّ الأمر للوجوب, وكما في رواية مالك في الموطأ لما أصيب سهل أمر النبي صلى الله عليه وسلم العائن أن يتوضأ.
خامساً؛ إنْ أَبَتْ تطبيقَ ما ذكر جاز حينئذٍ منعُها والبعدُ عنها, بل وإبعادها تقديما للحق العام على الخاص, وربما ارتقى حكم الإبعاد إلى الوجوب ولكن كما أشار بعض أهل العلم برفع أمرها إلى القاضي نسأل الله تعالى العفو والعافية
سادساً؛ بقيَ أن نفرق بين العين والحسد, أقول: مما لاشك فيه أن الحسدَ فرع عن إصابة العين ولكن قضية العين كثيراً ما تكون خارجة عن الإرادة ودواؤها ما تقدم, وأما الحسد فهو إمضاءُ النظر لاستثماره في مرادِ شهوة النفس من إرادة زوال النعمة عن صاحبها قصداً وبإصرار, وعندها يكون من الكبائر أعاذنا الله, ويحتاج صاحبُه إلى توبة نصوح مشروطة القبول لذا فكم نحن بحاجة إلى فقه الأحكام مع فقه النفس.
ختاماً؛ أسأل الله تعالى الشفاء للجميع والسداد في القول والعمل. مع الرجاء بصالح الدعاء.