الفتوى رقم #43796
التاريخ: 15/12/2013
المفتي: الشيخ محمد الفحام
ضرورة التحرز عن العبارات التي قد تفيد التحيز والجهة
التصنيف:
العقيدة والمذاهب الفكرية
السؤال
السلام عليكم ذكرأحد الدعاةعلى صفحته في باب حضه على قيام الليل مايلي : إن السجود يشعرك بالقرب من الله لدرجة أنك تشعر بان المسافات التي تفصلنا عنه في السماء السابعة فد اضمحلت فهو اقرب إلينا من حبل الوريد ....انتهى و السؤال : هل يجوز التعبير بمثل هذه الألفاظ التي توهم التحيز والمسافة و الجهة
الجواب
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ وبعد؛ فلا أدري إن كانت العبارة هي التي خانت صاحبها أو ضيَّقت عليه في التعبير, أم المدلول هو المقصود؟؟
ولعله أراد شرح الحديث النبوي الشريف: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) فأراد أن يُترجم جلال الربوبية, وعظيم قرب العبد من الرب إذا خشع له وخضع قربَ مكانة لا مكان, فإنه؛ تعالى اللهُ عن أن يَحُدَّهُ زمان ومكان كيف وهو خالق الزمان والمكان, وخلاصةُ القول أنَّ على الداعية والواعظ والمذكِّر أن تكون عبارته في حقِّ مولاه سبحانه بما هو نابعةٌ من ميزان المحكم الذي هو أمُّ الكتاب كما قال تعالى: (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ..) ومن المحكم قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) فعليه أن ينطلق في دعوتِه الناسَ إلى الله تعالى منطلق الوضوح وعدم الإيهام لاسيما في شأن الذات العلية شأن الله العظيم القائل: (لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) فعلماء العقيدة يقولون "كلُّ ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك" ذلكَ أنَّ ما يتصوَّره عقلُ البشر في الذهن صورٌ رآها وقد ارتكزت في مخيِّلته وهي كلُّها مخلوقةٌ لذلك لا يمكن للعقل الإحاطة لذا ورد: لا تفكروا بذات الله ولكن تفكروا بصفاته فإنَّ ذاته لا تحيط بها الفِكرة, وعليه؛ فإني أُوافقك مطلبَ لفتِ النظر بأنَّ العبارةَ موهمة وبعيدة عن مستحَقِّ الثناء لمولانا سبحانه, فخالق السماء السابعة بل والسموات كلها بأرجائها والأكوان من عرشها إلى فرشها, ومن سمائها إلى أرضها في قبضة القادر القهار, فهو مستغنٍ عنها إنه الصمد إنه القدوس, فالصمد؛ هو المقصود في الحوائج على الدوام, يحتاج إليه الخلق وهو مُسْتَغْنٍ عن العالمين. والقدوس؛ مُشْتَقٌّ من التقديس وهو التنزه عن صفات المخلوقين وعن كل نقص وعيب, والصيغة للمبالغة كالسُّبُّوح, وقد ورد أن الملائكة تقول: في تسبيحها (سُبُّوح قُدُّوس ربُّ الملائكةِ والرُّوح) قال تعالى: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي نزَّه الله تعالى ومجَّدَه وقدَّسَه جميع ما في السموات وما الأرض من ملَك وإنسان, وجماد وشجر, فياربَّنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك سبحانك لا نُحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.